الإطاحة بلحود - هيثم مزاحم

الإطاحة بلحود
هيثم مزاحم
البيان - 19 فبراير 2006



يبدو أن «قوى 14 مارس» قد شعرت بتصاعد قوتها وبضعف سوريا وحلفائها في لبنان فانتقلت إلى مرحلة الهجوم الشرس على النظام السوري وحليفيه الرئيس اللبناني إميل لحود وحزب الله، فأمهلت لحود نحو شهر للتنحي من منصبه تحت طائلة دعوة البرلمان للانعقاد لإقالة لحود وانتخاب رئيس جديد.

وكان لافتاً قول زعيم «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي خرج قبل أشهر من السجن نتيجة عفو خاص بعد إدانته بتهمة اغتيال رئيس الوزراء الراحل رشيد كرامي، إن الرئاسة لنا ونريد استعادتها، في إشارة إلى أنها من نصيب المسيحيين الموارنة وفقاً لمنطق المحاصصة الطائفية في النظام اللبناني.

غير أن رئيس الجمهورية هو رمز الدستور ويفترض أنه يمثل جميع اللبنانيين وليس المسيحيين أو الموارنة فحسب، فكيف تدعيها «القوات اللبنانية» وهي طرف واحد بين أطراف موارنة عدة.

ويأتي تجديد الحملة لإقالة لحود بعد طيها نحو أكثر من ستة أشهر، حيث انطلقت دعوات مماثلة إثر الانتخابات النيابية في يونيو الماضي وحصول «قوى 14 مارس» على الأكثرية في البرلمان (70 مقعداً من أصل 128).

وبعدما خرجت هذه القوى عن صمتها ومجاملاتها لحزب الله بشأن موقفها من القرار الدولي 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات في إشارة تحديداً إلى سلاح المقاومة.

فهذا النائب وليد جنبلاط، دينامو «قوى 14 مارس», لا يكل ولا يمل من المطالبة بنزع سلاح حزب الله وإرسال الجيش اللبناني إلى الحدود مع إسرائيل ووقف المقاومة في مزارع شبعا المحتلة، بذريعة أن هذه المزارع سورية وليست لبنانية وأن حزب الله يربط مصير لبنان بالصراع العربي - الإسرائيلي وبالمواجهة الإيرانية- الغربية بشأن مشروع إيران النووي.

ولا شك أن ثمة دعماً أميركياً واضحاً لتحرك «قوى 14 مارس» لنزع سلاح حزب الله عبر الحوار الداخلي والإطاحة بلحود دستورياً، من خلال إلغاء قانون الذي مدد ولايته في سبتمبر 2004 لنصف ولاية من ثلاث سنوات بضغوط من دمشق، وانتخاب رئيس جديد من هذه القوى، فقد أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس قبل أيام أنها تأمل برئاسة تتطلع به إلى المستقبل وليس الماضي الذي يذكره بنظام الوصاية السورية.

ولئن كان لحود متمسكاً بالرئاسة حتى آخر يوم من ولايته الممددة أي في نوفمبر 2007، فإنه يتكل بذلك، فضلاً عن دعم دمشق التي فقدت جزءاً كبيراً من نفوذها المباشر في لبنان، على دعم حزب الله و«التيار الوطني الحر» بزعامة النائب ميشال عون.

فحزب الله لا يريد التنكر للحود الذي وقف إلى جانب المقاومة منذ أن كان قائداً للجيش اللبناني عام 1990 ومروراً بتوليه الرئاسة عام 1998 حتى اليوم من جهة.

كما يرى الحزب تصاعد حملة «قوى 14 مارس» لنزع سلاحه ووقف مقاومته في ظل رئاسة لحود وعز قوة الحزب الشعبية والسياسية والعسكرية، فكيف ستكون عليه الحال في حال أطيح بلحود وانتخب رئيس جديد يحركه الحلف الثلاثي بزعامة النائب سعد الحريري وجنبلاط وجعجع.

ولعل السؤال الأكثر إلحاحاً بالنسبة لحزب الله وأمينه العام حسن نصر الله هو: كيف سيعامله الأطراف المحليون والإقليميون والدوليون لو تخلى عن سلاحه وقوته طوعاً، وهم ما انفكوا يتهمونه بأنه ميليشيا عميلة لسوريا وإيران حيناً ومنظمة إرهابية حينا آخر؟

أما عون فهو يعتبر تنحية لحود في هذا الوقت ومع توازن القوى المحلي والدولي الحالي، حرمانه من فرصته للوصول إلى الرئاسة، لذلك فهو يقف مانعاً أمام إزاحة لحود ما لم يكن هو البديل عنه، إذ تحتاج إقالة لحود إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتاً في البرلمان، أي ستضطر قوى 14 مارس إلى التحالف مع كتلة عون النيابية أو كتلة حزب الله أو كتلة أمل.

بدوره يعارض البطريرك الماروني نصرالله صفير تنحية لحود عبر اللجوء إلى الشارع وقبل الاتفاق على خليفته، وذلك لسببين اثنين: الأول عدم تكريس سابقة الإطاحة برئيس الجمهورية، ممثل المسيحيين في النظام، من خلال الشارع أو حتى في مجلس النواب، أي من أغلبية المسلمين الشعبية والنيابية. والسبب الثاني هو خشية صفير وعون أن يختار الحريري وجنبلاط الرئيس الجديد نظراً لتزعمهما للأكثرية النيابية

Comments

Popular posts from this blog

مقامات الأنبياء والرسل في لبنان

السيرة الذاتية للدكتور هيثم مزاحم

أسباب الصراع بين المماليك والعثمانيين- مراجعة: د. هيثم مزاحم