الصراع الأميركي – الإيراني واحتمالات الحرب


د. هيثم مزاحم








أعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما في الـ13 من تموز يوليو 2012 عن عقوبات أميركية على مصارف أجنبية تساعد إيران في بيع نفطها، في إطار المزايدة على كسب ود اللوبي الصهيوني في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، وذلك في أعقاب انتقادات المرشح الجمهوري ميت رومني بأن البيت الابيض فشل في التحرك بقوة كافية لوقف مساعي ايران النووية. 
ثم صادق مجلس النواب الأميركي في الـ2 من آب/ أغسطس 2012، على حزمة جديدة من العقوبات ضد ايران تهدف إلى معاقبة المصارف وشركات التأمين وشركات النقل البحري التي تساعد طهران في بيع نفطها.
هذا الحظر الجديد يأتي بعد تصاعد التوتر الأمني بين إيران والولايات المتحدة في الخليج، ما يجعل من المناسب العودة لدراسة تطوّر العلاقات الأميركية – الإيرانية من التبعية والتحالف إلى العداء والصراع.

بداية العلاقات الأميركية – الإيرانية
تعود بداية العلاقات السياسية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية إلى أواخر القرن الثامن عشر، عندما بعث الملك ناصرالدين شاه أول سفير لبلاده ميرزا أبو الحسن شيرازي إلى واشنطن في عام 1856.
وفي عام 1883 كان صمويل بنجامين أول مبعوث دبلوماسي رسمي للولايات المتحدة في إيران. وتم الإعلان عن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في عام 1944.
وكان لإيران في خلال عهد محمدرضا بهلوي (1953– 1979) أهمية إستراتيجية واقتصادية محورية لدى الولايات المتحدة الأميركية بموقعها كمفترق طرق بين ثلاث مناطق حيوية: الشرق الأوسط وجنوب آسيا والاتحاد السوفياتي.
كما كانت واشنطن أحد أبرز الشركاء التجاريين لطهران، إذ كانت هذه العلاقة الاقتصادية تؤمن آلاف فرص العمل للمواطنين الأميركيين ونحو ثلاثة مليارات دولار كعائدات سنوية للصادرات الأميركية إلى إيران، إضافة إلى الأرباح التي كانت تحققها الشركات النفطية الأميركية من استثماراتها وتجارتها في حقل النفط الإيراني.
لكن سقوط نظام الشاه في شباط/ فبراير1979، وقيام الجمهورية إلاسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني، وما نتج بعد تلك من تطورات مثل: أزمة احتجاز الرهائن الأميركيين في السفارة الأميركية في طهران بين عامي 1979 و1980، وتجميد الأرصدة الإيرانية في المصارف الأميركية، أسفرت عن تدهور العلاقات بين البلدين وانقطاعها في نيسان/إبريل 1980.
وقد أجّجت الحرب العراقية - الإيرانية التي اندلعت منذ أيول/سبتمبر 1980، والدعم الأميركي للنظام العراقي آنذاك، العداء بين طهران وواشنطن، وخصوصاً إثر الاستهداف الأميركي لبعض المنشآت البحرية النفطية الإيرانية بين عامي 1987 و1988 وإسقاط الطائرة المدنية الإيرانية (290 قتيلاً) فوق مياه الخليج [الفارسي]عام 1988.
ومن الجانب الأميركي، فقد جاء سقوط الشاه ليضعف استراتيجية الولايات المتحدة في منطقة الخليج، الأمر الذي جعلها تغيّر سياستها تجاه العراق فتدعم نظام صدام حسين في الحرب مع إيران.
ومثلما حملت الذاكرة الإيرانية واقعة 1953. ظلت واقعة احتجاز الرهائن الأميركيين - التي أنهت حكم الرئيس جيمي كارتر - ماثلة في الذاكرة الأميركية. كما أن ضلوع إدارة الرئيس رونالد ريغان في فضيحة "إيران كونترا" قد أضافت إلى مخزون الذاكرة الأميركي عنصراً إضافيًا، حيث صارت إيران مسؤولة عن تشويه صورة رئيس بفضيحة سياسية كبيرة.
وهكذا اتسمت العلاقة بين الدولتين في العقود الثلاثة الماضية بالعداء الشديد وتبادل الاتهامات. وأطلقت إيران لقب "الشيطان الأكبر" على الولايات المتحدة.
فيما أثار الخطاب الثوري الإسلامي قلق معظم الأنظمة العربية وحلفاءها الغربيين، وخصوصاً الولايات المتحدة، التي رأت في الجمهورية الإسلامية الإيرانية خطراً على مصالحها الإستراتيجية والاقتصادية في منطقة الخليج.








العداء لأميركا
استمد هذا الخطاب الإسلامي الثوري مبرّرات عدائه للولايات المتحدة من واقع السياسات الأميركية تجاه إيران والمنطقة العربية – الإسلامية، القائمة على استغلال الشعوب ونهب ثرواتها والتآمر على الحكومات المعارضة لها، وانحيازها الكامل لإسرائيل في احتلالها الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية والاعتداء على شعوبها.
كما أن التجربة التاريخية الإيرانية نفسها غنية بالأمثلة على السياسات العدوانية والاستعمارية (الاستكبارية) الأميركية: من عملية الاستخبارات المركزية الأميركية "أجاكس" التي أطاحت حكومة محمد مصدق عام 1953 وأعادت الشاه إلى السلطة، إلى الامتيازات والصفقات التجارية والنفطية والعسكرية التي حصلت عليها أميركا من نظام الشاه والتدريب الأميركي لأجهزة السافاك الإيرانية والدعم الأميركي للعراق في حربه ضد إيران؛ وإسقاط الطائرة المدنية الإيرانية عام 1988؛ إلى سياسة الاحتواء المزدوج ضد إيران (والعراق) منذ أيار/مايو 1993، ثم سياسة الحظر الاقتصادي الشامل على إيران منذ أيار/مايو 1995 والتي ألحقت بقانون "الفونس داماتو" في العام 1996 الذي يقضي بفرض عقوبات اقتصادية على الشركات الأجنبية التي تستثمر في إيران بما يزيد عن 20 مليون دولار في السنة، إلى دعم المعارضة الإيرانية المسلحة (مجاهدي خلق) وتمويلها لأجل إسقاط النظام الإسلامي في إيران، وإقرار الكونغرس موازنة قدرها نحو 20 مليون دولار لتمويل أنشطة وكالة الاستخبارات المركزية ضد إيران منذ عام 1995، وصولاً إلى القانون الذي وقعه الرئيس الأميركي باراك أوباما في مارس/آذار 2010، والذي يفرض عقوبات قاسية جديدة على قطاعي الطاقة والبنوك في ايران على أمل كبح النشاط النووي الإيراني، وانتهاء بالعقوبات الأميركية الأخيرة التي شملت وضع كل من الخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير) وشركة تسيير الموانئ (تايدووتر) على القائمة السوداء، وذلك في إطار زيادة الضغط على طهران وإرغامها على تعليق برنامجها النووي.








مسائل الخلاف من وجهة نظر إيرانية
إن أبرز مسائل الخلاف بين الولايات المتحدة وإيران من وجهة نظر الأخيرة هي الآتية:
1 – الأرصدة الإيرانية المجمدة في المصارف الأميركية منذ أزمة الرهائن الأميركيين عام 1979، والتي تقدر قيمتها بنحو 12 مليار دولار أميركي ما عدا الفوائد المتراكمة. وتعتبر طهران أن الإفراج عن هذه الأرصدة شرط أساس لتطبيع العلاقات مع واشنطن.
2 – التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية الإيرانية، وخصوصاً التدخل الاستخباراتي ودعم المعارضة الإيرانية المسلحة، وتضع الحكومة الإيرانية وقف هذا التدخل في مقدم شروطها للتقارب مع الولايات المتحدة، كما يمثل ذلك بالنسبة إليها دليلاً على تبدل السياسة الأميركية العدائية تجاهها.
3 – الحظر التجاري والتكنولوجي والعسكري الشامل المفروض على إيران تدريجاً منذ العام 1993 الذي يؤثر في استقرارها الاقتصادي وعمليات التنمية.
وترى طهران في هذا الحظر حرباً اقتصادية أميركية معلنة ضدها، وتعتبر أن أول خطوة ينبغي أن تبادر واشنطن إليها كدليل حسن نية تجاه إيران، تتمثل في إلغاء هذا الحظر.
وقد أضيفت خلال السنوات الأخيرة عقوبات أميركية إضافية حظرت شراء النفط الإيراني والتعامل مع أي طرف يتعامل تجارياً مع إيران.
4 – الوجود العسكري الأميركي في مياه الخليج[الفارسي]، الذي تعارضه إيران لأنه يهدد أمن دول المنطقة وسيادتها، وهي تطالب بأن تتولى الدول المطلة على الخليج[الفارسي] حماية أمنه من خلال التعاون المشترك في ما بينها.
5 – المعارضة الأميركية لمرور أنابيب نفط بحر قزوين والغاز من دول آسيا الوسطى عبر إيران، وهي جزء من الحظر الاقتصادي الأميركي على إيران.
 6- المعارضة الأميركية للمشروع النووي السلمي الإيراني ولتخصيب اليورانيوم داخل إيران والضغوط التي تمارسها واشنطن على الأمم المتحدة والدول الغربية والعربية لفرض حصار اقتصادي وعزلة سياسية على إيران كي توقف إيران هذا البرنامج، أو على الأقل تتوقف عن تخصيب اليورانيوم وشراء اليورانيوم المخصّب من الغرب بمليارات الدولارات.


أسباب الخلاف من وجهة نظر أميركية
تطرح الإدارة الأميركية أسباباً عدة، تراها مترابطة في ما بينها، لتبرير سياستها العدائية تجاه إيران والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها عليها. وترى أن تسوية أهم مسائل النزاع سيؤدي إلى حل المسائل الأخرى المتفرعة عنها. وأبرز الاعتراضات الأميركية على السياسات الإيرانية هي الآتية:
1 – تتهم واشنطن إيران بـ"رعاية الإرهاب الدولي" إذ لا تزال واشنطن تضع إيران على لائحة الدول الإرهابية وتتهمها بتقديم الدعم والتمويل لبعض الحركات الإسلامية والوطنية التحررية التي تصنفها الإدارة الأميركية بـ"الإرهابية"، ولاسيما حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وخصوصاً "حزب الله" اللبناني وحركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطينيتان. وتشترط الإدارة الأميركية تغيير إيران سياستها في هذا الشأن، أي التخلي عن قيامها بأي أعمال "إرهابية" وعن دعمها لهذه الحركات وذلك لأجل تحسين العلاقات بين البلدين.
2 – المعارضة الإيرانية لعملية التسوية العربية – الإسرائيلية وموقفها الإيديولوجي – السياسي الرافض لوجود إسرائيل. وترى الإدارة الأميركية في التحالف الاستراتيجي الإيراني–السوري دعماً لحركات المقاومة التي تصنفها واشنطن "إرهابية" وعرقلة لعملية التسوية مع الكيان الإسرائيلي في الشرق الأوسط. وترتبط هذه المسألة كلياً بالمسألة السابقة. وكلاهما يتعلق بإسرائيل مما يجعلهما في طليعة الأسباب التي تحول دون تغيير السياسة الأميركية تجاه إيران ودون الشروع في حوار مباشر لاستئناف العلاقات.
3 – الزعم الأميركي بأن طهران تسعى لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، وخصوصاً الأسلحة النووية، وهو ماتنفيه إيران، الأمر الذي يمثل بالنسبة إلى الولايات المتحدة تهديداً كبيراً لأمن المنطقة واستقرارها وللمصالح الأميركية فيها، وتهديداً لأمن إسرائيل وتفوّقها العسكري النوعي.
وتعد مواصلة طهران لسياسة التسلّح أهم أسباب الحظر الاقتصادي الأميركي الشامل المباشر (وغير المباشر) عليها، عبر ضغوط وعقوبات على الدول والشركات التي تتعاون تجارياً وعسكرياً وتكنولوجياً معها مثل روسيا والصين والدول الأوروبية.
5 – الاتهامات الأميركية لطهران بدعم حركات المقاومة في العراق ضد الاحتلال الأميركي وكذلك لبعض الحركات المقاومة في أفغانستان، وبانتهاك حقوق الإنسان والحريات في إيران.






انتخاب خاتمي وسياسة الانفتاح

عزّز انتخاب الرئيس الإيراني محمد خاتمي في أيار/مايو 1997 من احتمالات تحسّن العلاقات الإيرانية  - الأميركية نتيجة مبادراته الإعلامية والسياسية تجاه الدول العربية والغربية، وخصوصاً المقابلة التي أجرتها معه شبكة "سي أن أن" (CNN) الأميركية في كانون الثاني/يناير 1998 وأشاد فيها بالشعب الأميركي "العظيم" وأعرب عن تقديره للحضارة الأميركية واعتذر ضمناً عن احتجاز الرهائن الأميركية في طهران (1979–1980). غير أن الاستجابة الأميركية لهذه الرسالة الإيرانية كانت محدودة، إذ تمثلت بالترحيب بانتخاب خاتمي وتقدير رصيده الشعبي الانتخابي وانفتاحه السياسي الداخلي والخارجي، إضافة إلى الإعلان الكلاسيكي عن استعداد الإدارة الأميركية للتفاوض مع الحكومة الإيرانية لاستئناف العلاقات الثنائية.
لكن السياسة الأميركية المتشددة ضد إيران بقيت على حالها، بل إن واشنطن شددت إجراءات الحظر التجاري ضدها وضد الشركات الأجنبية المتعاملة مع طهران، وأسست إذاعة معادية لإيران في مدينة براغ بتمويل من الكونغرس الأميركي، وواصلت رفضها لمشروع مرور أنابيب النفط والغاز من بحر قزوين وآسيا الوسطى عبر الأراضي الإيرانية.
وقد ساهمت هذه السياسة الأميركية في تعزيز موقف الجناح الإيراني المتشدد في رفضه لعودة العلاقات مع "الشيطان الأكبر"، لأن الولايات المتحدة –في نظره- لن تغيّر سياستها العدوانية تجاه إيران ولن تتخلى عن محاولاتها التدخل في الشؤون الإيرانية والتآمر لإسقاط النظام الإسلامي، حتى لو تراجعت إيران عن خطابها المعادي لأميركا وعن بعض المواقف والسياسات التي تنتقدها واشنطن وتعترض عليها.
وقد اضطر خاتمي وحكومته إلى محاكاة الخطاب المتشدد الذي يندد بالسياسة الأميركية تجاه إيران، مستبعداً تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة في المدى القريب.
غير أن معارضة المحافظين للعلاقات مع الولايات المتحدة لم تكن مطلقة، ذلك أنها إرتبطت بمدى تبدل السياسة الأميركية تجاه إيران من جانب، وبشروط التسوية مع واشنطن من جانب آخر. إذ يخشى هذا الجناح أن يؤدي التقارب الإيراني–الأميركي إلى تقديم تنازلات تمس طبيعة النظام الإسلامي والشؤون الداخلية الإيرانية والمواقف الإيديولوجية الإسلامية تجاه الغرب وإسرائيل التي أطلقها الإمام الخميني.
وقد علّل هؤلاء رفضهم للحوار والتفاوض مع الولايات المتحدة باستمرار سياسة الحظر الأميركي تجاه إيران، علماً أن هذه السياسة نفسها تعرضت خلال العقد الماضي للنقد في دوائر أميركية واسعة وشملت مسؤولين في وزارتي الخارجية والتجارة وأعضاء كونغرس وأكاديميين وصحافيين، وخصوصاً رجال الأعمال والمزارعين الأميركيين، الذين رأوا أن مصالحهم التجارية قد تضررت نتيجة لسياسة الحظر.
وذهب بعض هؤلاء إلى أن عزل إيران وفرض عقوبات اقتصادية عليها لم يؤثرا كثيراً في تغيير سياساتها، في حين أنه أضر بالمصالح الاقتصادية الأميركية، وأفاد الشركات الأوروبية واليابانية والآسيوية المنافسة التي عقدت صفقات تجارية ونفطية مع إيران بمليارات الدولارات.






مبرّرات السياسة الأميركية تجاه إيران

تقوم الإستراتجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط على ثلاثة أركان رئيسية هي:
1 – حماية منابع النفط وطرقه بما يضمن استمرار تدفقه إلى الغرب، وخصوصاً إلى الولايات المتحدة، بأسعار متدنية وثابتة نسبياً.
2 – بقاء المنطقة سوقاً استهلاكية للسلع والخدمات الأميركية، ولا سيما الأسلحة منها.
3 – حماية حلفاء الولايات المتحدة وضمان استقرار الأنظمة الموالية لها، وضمان أمن إسرائيل وتفوقها العسكري على دول المنطقة كافة.
وقد شكلت إيران في عهد الشاه سداً أميركياً أمام محاولات الاتحاد السوفياتي للوصول إلى منابع النفط في الخليج. وبعد سقوط الشاه والغزو السوفياتي لأفغانستان عام 1979 بقيت إيران مهمة استراتيجياً لمواجهة السوفيات، في نظر الأميركيين.
وعلى الرغم من التغيّرات التي شهدها العالم منذ انتهاء الحرب الباردة، بفعل انهيار الاتحاد السوفياتي وزوال الخطر الشيوعي ونشوء وضع دولي جديد بقيادة الولايات المتحدة، إلا أن السياسة الأميركية الشرق أوسطية بقيت على حالها من دون أي تغيير جذري. لأن النفط لا يزال في صدارة المصالح الاستراتيجية والاقتصادية الأميركية، وكذلك السوق الخليجية المستهلكة للصادرات الأميركية وخصوصاً الأسلحة، إضافة إلى ثبات مكانة إسرائيل وأهميتها بالنسبة إلى الأميركيين.
وقد حاولت بعض النخب المؤثرة في صناعة القرار الأميركي التقليل من أهمية إيران الإستراتيجية الإقليمية والدولية، والمبالغة في "الخطر الإسلامي" الذي تشكله إيران وبعض الحركات الإسلامية على المصالح الأميركية في المنطقة، وتصويره كخطر مماثل للخطر الشيوعي السابق. وكان لإسرائيل واللوبي الصهيوني المؤيد لها الدور الأكبر في الترويج لهذه الفكرة بعدما خشيت الكيان المحتل من تراجع مكانته الاستراتيجية بعد غياب التهديد السوفياتي.
وهكذا عادت واشنطن لسياسة الاحتواء السابقة لمواجهة تهديدات قوى إقليمية بارزة في المنطقة وخصوصاً العراق وإيران، وبعدما كانت سياسة أميركا لاحتوائهما في الثمانينات 1980–1988 تقوم على تسعير الحرب بين الطرفين واستخدام كل طرف منهما لإضعاف الطرف الآخر.
وبعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية، وبروز العراق قوة إقليمية ذات قدرات عسكرية وتكنولوجية تهدد استقرار المنطقة وأمنها، ومصالح الولايات المتحدة وحلفائها والتفوق العسكري الإسرائيلي، قدم احتلال العراق الكويت في آب/أغسطس 1990 ذريعة مناسبة لتفكيك هذه القدرات في حرب "عاصفة الصحراء" عام 1991، وفي الحظر الدولي عليه، ثم في أعمال لجنة نزع أسلحة الدمار الشامل (يونسكوم)، إلى العمليات العسكرية الأميركية المتقطعة عليه، وصولاً إلى الغزو الأميركي المباشر في مارس/ آذار 2003.
بعد قيام واشنطن بإطلاق عملية التسوية في مؤتمر مدريد عام 1991، لإنهاء القضية الفلسطينية والصراع العربي–الصهيوني وترتيب نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، لم يبقَ في نظر الإدارة الأميركية واللوبي الصهيوني وإسرائيل من يخل بأمن المنطقة واستقرارها إلى جانب الحركات المناهضة لعملية التسوية إلاّ إيران، إضافة إلى امتلاك إيران قدرات بشرية واقتصادية وعسكرية كبيرة تجعلها إلى سعيها لامتلاك أسلحة الدمار الشامل –بحسب واشنطن وإسرائيل- قوة إقليمية تهدد المصالح الأميركية في المنطقة (النفط والأنظمة الحليفة وإسرائيل).





دور اللوبي الصهيوني في السياسة الأميركية تجاه إيران

ولاحتواء التهديد الإيراني ومواصلة احتواء التهديد العراقي، أعلنت إدارة كلينتون – بتأثير من إسرائيل واللوبي الصهيوني في واشنطن– سياسة الاحتواء المزدوج لإيران والعراق في أيار/مايو 1993، وهي سياسة وضعها مارتين إنديك، أحد المسؤولين اليهود في الإدارة الأميركية.
ومع فشل هذه السياسة لاحقاً، وعجزها عن منع إيران من تنمية قدراتها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية ظلت إسرائيل وأنصارها في واشنطن يضغطون على الإدارة والكونغرس الأميركيين طوال عامين متتالين من أجل تشديد سياسة الاحتواء ضد إيران.
فاستجاب هؤلاء بفرض حظر اقتصادي على إيران في 30 نيسان/أبريل 1995، أعلنه الرئيس كلينتون من على منبر المؤتمر اليهودي العالمي. رغبة منه في توظيف هذا القرار في الحصول على دعم وتمويل اللوبي اليهودي في الانتخابات الرئاسية.
وكانت الإدارة الأميركية قد أوقفت صفقة شركة "كونوكو" النفطية الأميركية مع إيران في آذار/مارس 1995، بطلب من رئيس المؤتمر اليهودي العالمي إدغار برونغمان، كما كشف الكاتب الأميركي – اليهودي أ.م.روزنتال في صحيفة نيويورك تايمز.
ولم يكتفِ اللوبي الإسرائيلي بالحظر الاقتصادي على إيران عبر فرض عقوبات على الشركات الأميركية التي تتعامل معها، إنما أصدر الكونغرس في العام 1996 أيضاً قانوناً لمعاقبة الشركات التي تتعامل مع إيران. ومع أن الإدارة الأميركية لم تكن موافقة على هذا القانون الذي يُسبب لها مشكلات مع أصدقائها الأوروبيين والآسيويين والروس، إلا أنها رضخت لضغوط الكونغرس واللوبي وقبلت بالقانون بعد تعديله.
وهكذا فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على عدد من الشركات الأجنبية التي استثمرت في إيران، وكذلك على الشركات الروسية لبيعها تكنولوجيا عسكرية إلى إيران.
وقد خلص المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركية، ريتشارد مورفي، في شباط/فبراير الماضي 1999، إلى أن الوقت قد حان لتفكيك نظام العقوبات ضد إيران. لكنه كشف أن تحقيق ذلك "يعتمد على مدى رغبة إسرائيل في تغيير سياستها حيال إيران وعندها سيحدث تغيير سريع ومماثل في واشنطن"، مشيراً إلى أن الموقف الأميركي المتجدد يعكس نفوذ إسرائيل وأصدقائها في الكونغرس.






تأثير سياسة العقوبات في المصالح الاقتصادية الأميركية

قبل إقرار الإدارة الأميركية لسياسة الاحتواء المزدوج عام 1993 ومن بعدها سياسة الحظر الاقتصادي الشامل عام 1995، كانت الولايات المتحدة منذ أوائل التسعينات أحد أبرز الشركاء التجاريين لإيران، حيث اعتبرت رابع مصدّر للبضائع إليها. وبلغت قيمة الصادرات الأميركية إليها عام 1991 نحو 527 مليون دولار أميركي وكان يتوقع أن تصل إلى نحو 800 مليون دولار أميركي عام 1993، فيما بلغت مشتريات الشركات الأميركية من النفط الإيراني أربعة مليارات دولار أميركي عام 1994، إذ كانت هذه الشركات النفطية تشتري نحو ثلث النفط الخام الإيراني لتعاود بيعه في الأسواق العالمية.
ويكفي أن نذكر أن شركة توتال الفرنسية التي تقود "كونسورتيوم" فرنسياً – ماليزياً – روسياً حصلت عام 1998 على مشروع بقيمة ملياري دولار للاستثمار في حقول النفط في إيران. كما حصلت شركتا "ألف" الفرنسية و"اجيب – ايني" الإيطالية في آذار/مارس الفائت 1999 على صفقة بقيمة 540 مليون دولار، لاستغلال حقل "دورود" النفطي الواقع في الخليج، ووقعت أيضاً شركة "ألف" وشركات "باوفالي" الكندية عقداً نفطياً مع إيران بقيمة 300 مليون دولار.
وقد تعرض نظام العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروض على إيران لضغوط من قبل قوى وأطراف فاعلة في المجتمع الأميركي دعت إلى إعادة النظر فيه لأنه لم ينجح في تعديل سلوك طهران فضلاً عن كونه ألحق أضراراً اقتصادية وسياسية بالولايات المتحدة. وبعد انتخاب خاتمي كثّف قطاع الأعمال الأميركي ضغوطه على الإدارة والكونغرس الأميركيين لتخفيف العقوبات أو استثناء بعض الشركات والسماح لها بالتعامل مع إيران. وقد استجاب عشرات من أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديموقراطي لضغوط رجال الأعمال والمزارعين الأميركيين المتضررين من نظام العقوبات، إذ وجهوا رسالة إلى الرئيس بيل كلينتون طالبوه فيها بالسماح لشركات أميركية بيع إيران مواد زراعية بقيمة تزيد عن نصف مليار دولار، استجابة إلى ضغوط المزارعين في الكونغرس الذين صوتوا مع نظام العقوبات ضد إيران عام 1995 باعتباره "تصويتاً سهلاً ضد الإرهاب" على حد قول المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي، روبرت بيليترو.
وأسفرت هذه الضغوط في نهاية نيسان/أبريل 1999 عن موافقة الإدارة الأميركية على رفع جزئي لسياسة الحظر يسمح باستثناء الأغذية والأدوية من نظام العقوبات ضد الدول المفروض عليها. وبرغم انطباق تخفيف العقوبات على دول عدة إلا أن المقصود عملياً كان إيران لأن استيرادها لحاجتها من المواد الغذائية يصل إلى مليار دولار سنوياً.
ورأى بعض المسؤولين الأميركيين أن رفع الحظر الغذائي هو خطوة في اتجاه تطبيع العلاقات مع ليبيا وإيران والسودان، وتجسيد لفشل سياسة العقوبات تجاه هذه الدول، بفعل تغيّر الظروف الدولية. واعتبرت جوديت كبير، خبيرة شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة "بروكينغز" الأميركية، أن هذه "الخطوة مهمة جداً ومتأخرة كثيراً. وسيكون لها وقع خاص على طهران التي تترقب الإشارات الأميركية للتسوية". وقال بعض المحللين الأميركيين إن هذا التبدل "الكبير" في سياسة العقوبات جاء بعد مرحلة أصبحت فيها هذه السياسة موضع استفهام ونقد، إذ فاوضت الشركات الأميركية المتضرّرة وممثلوها في الكونغرس، مع الإدارة الأميركية والمعارضين فيها لهذه السياسة، لإصلاح تشريع العقوبات والتخلي عنه بشكل كلي بسبب إضراره بالمصالح الاقتصادية الأميركية.
واللافت أن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، مارتين أنديك نفسه، مهندس سياسة الاحتواء المزدوج عام 1993 بوصفه رئيساً لمجلس الأمن القومي آنذاك، كشف في محاضرة له في نيسان/أبريل 1999، أن الإدارة الأميركية تقوم بمراجعة سياستها تجاه إيران بعد التغير الكبير الذي شهدته السياسات الإيرانية داخلياً وخارجياً منذ بداية عهد خاتمي.
وكان الرئيس الأميركي، كلينتون، قد اعترف أيضاً في نيسان/أبريل 1999 "بأن إيران تعرضت – بسبب أهميتها الجيوسياسية الكبيرة على مر الزمن، إلى كثير من الظلم من مختلف الدول الغربية" داعياً إلى إيجاد وسيلة لبدء حوار معها من أجل بناء "مستقبل مشترك".
وقد رحبت الحكومة الإيرانية "باعتذار" كلينتون، مؤكدة أنها لن تكتفي بـ"ابتسامة دبلوماسية بسيطة" بل تطالب بتغيير في السلوك الأميركي لا في الخطاب فحسب. وكانت واشنطن قد استنكرت عملية اغتيال نائب رئيس الأركان الإيراني اللواء علي صياد شيرازي في طهران على يد حركة "مجاهدي خلق" وأدانته بوصفه "عملاً إرهابياً"، مشيرة إلى أن هذه الحركة مدرجة منذ العام 1997 على لائحة الإرهاب التي تصدرها الولايات المتحدة، كما نفت أن تكون الحكومة الأميركية تؤيد هؤلاء الإرهابيين، أو تقدم ملاذاً آمناً لهم على الرغم من وجود مكتب صحافي لهم في واشنطن.
مثلت هذه الإشارات الأميركية الثلاث (استنكار اغتيال شيرازي واعتذار كلينتون الضمني والتخفيف الجزئي للعقوبات الاقتصادية) رسالة تودد أميركية إلى إيران، إلا أنها لم تكفِ لدفع طهران إلى حوار مباشر مع الإدارة الأميركية على الرغم من مطالبة أوساط سياسية وإعلامية وأكاديمية إيرانية الحكومة التفاوض مع الولايات المتحدة.






بوش ومرحلة ما بعد 11 سبتمبر

شكل وصول الرئيس الأميركي جورج بوش بداية عام 2002 إلى سدة الحكم نقطة تحوّل مهمة في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران نبعت من رؤية الإدارة الجديدة لدور أميركا في العالم وأهدافها الإستراتيجية، على إثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، حيث عدّ بوش إيران ضمن "محور الشر" مع كل من العراق وكوريا الشمالية.
ومع أن إيران قد أدانت هجمات11سبتمبر، وأعلنت عن رفضها للإرهاب بكل صورة وأشكاله، وتعاونها ضمناً مع الولايات المتحدة في هجومها على أفغانستان لإسقاط حكم طالبان، إلا أن ذلك لم يغيّر من السياسة الأميركية تجاهها. وفي حرب الولايات المتحدة في أفغانستان، كانت واشنطن في حاجة إلى مساعدة إيران في المراحل الأولى في حربها في أفغانستان، ولذلك جرى حوار بين الدولتين عبر بريطانيا من خلال زيارة وزير خارجيتها جاك سترو لطهران.
وعلى الرغم من الإدانة الإيرانية للغزو الأميركي لأفغانستان، إلا أن طهران وافقت في أكتوبر 2001 على المساهمة في إنقاذ أي قوات أميركية تتعرض لمشاكل في هذه البلاد. كما سمحت للولايات المتحدة باستخدام أحد موانئها لشحن القمح إلى مناطق الحرب في أفغانستان، وشاركت في الدعم العسكري لقوات التحالف الشمالي الأفغاني حتى سيطرت على العاصمة كابول.
لكن هذا التقارب الظرفي سرعان ما تلاشى بسبب استمرار الخلافات الأخرى بين البلدين وتوجّس إيران من الخطط الأميركية لتغيير نظامها الإسلامي خصوصاً بعدما وضع الرئيس جورج بوش الإبن في 29 يناير 2002 كلاً من إيران والعراق وكوريا الشمالية في محور الشر "وتسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل. إلا أن الفترة بين عامي 2002 و2004 شهدت غض الطرف من قبل كلتا الدولتين إزاء الأخرى، بعد الغزو الأميركي – البريطاني للعراق ومساهمة طهران لاحقاً في تسهيل قيام نظام عراقي جديد بمشاركة حلفائها من الأحزاب الشيعية والكردية المعارضة لنظام صدام حسين.
ثم ما لبث مؤشر العلاقة أن اتجه نحو خطاب التصعيد مرة أخرى خلال بعد عام 2005، في ظل تعثر مفاوضات الأوروبيين مع طهران حول البرنامج النووي الإيراني، والتي انتهت بإعلان إيران يوم 11 نيسان أبريل 2006 عن نجاحها في تخصيب اليورانيوم، والذي رفضه الغرب وطالبها بوقفه.
وقد زاد من مخاوف إيران من النوايا الأميركية حجم القوات الأميركية والغربية في العراق، إذ شكّل وجود أكثر من مئة ألف عسكري في دولة مجاورة فضلاً عن وجودهم في أفغانستان وتركيا وأذربيجان ودول الخليج اكتمال الطوق حول إيران.
كما اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا إيران بدعم المجموعات العراقية المقاومة سواء "جيش المهدي" بقيادة السيد مقتدى الصدر أو بعض المجموعات العراقية السنية لتنفيذ عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال ولتقويض الاستقرار في العراق، بهدف دفع هذه القوات لمغادرة العراق. كما أن الاتهامات الأميركية المتكررة بوجود تدخل إيراني مباشر ومؤثر في الشأن العراقي، حدت بالولايات المتحدة إلى تكليف سفيرها لدى العراق بمفاوضة الجانب الإيراني بشكل غير مباشر في منتصف عام 2005، ثم قبولها التفاوض المباشر والرسمي مع إيران في نهاية مارس 2006 حول الملف العراقي.






مرحلة أوباما – أحمدي نجاد

ساهم وصول الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى رئاسة الجمهورية الإيرانية في منتصف العام 2005، بزيادة التوتر في العلاقات الإيرانية - الأميركية وتدهورها، حيث اتهمت الولايات المتحدة أحمدي نجاد بأنه أحد الطلاب الذين شاركوا في احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية إبان انتصار الثورة الإيرانية وهو ما نفته إيران بشكل مطلق.
وبعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران-يونيو2009 وفوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية، كشفت واشنطن عن اعتمادها سياسة الحرب الناعمة لتغيير النظام، وذلك من خلال دعم المعارضة والاحتجاجات وتأليب الرأي العام ضد النظام من خلال وسائل الإعلام الأميركية باللغة الفارسية، وتمويل بعض وسائل الإعلام المعارضة. كما اتهمت طهران أميركا وبريطانيا بدعم حركات إرهابية معارضة على غرار "جند الله" بزعامة عبدالملك ريغي في محافظة بلوشستان وسيستان الإيرانية.
ولاشك أن نجاح إيران وسوريا والمقاومة العراقية في دفع قوات الاحتلال الأميركي والبريطاني للانسحاب من العراق في نهاية عام 2011 قد شكّل ضربة للولايات المتحدة واستراتيجيتها في المنطقة، مما جعلها تريد الانتقام من هذا المحور، فكانت خطة إسقاط النظام السوري للتعويض عن الفراغ في العراق وبتر أوصال محور الممانعة والمقاومة الممتد من إيران عبر العراق إلى سوريا ولبنان وغزة.
وفي موازاة ذلك، كثفت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في مجموعة الدول الكبرى الست (5+1) ضغوطها على إيران بشأن برنامجها النووي واستمرارها في تخصيب اليورانيوم، وتمكنت من فرض حظر دولي على إيران، إضافة إلى العقوبات الأميركية والأوروبية.
وفي الـ13 من تموز يوليو 2012، أعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما عن عقوبات أميركية على مصارف أجنبية تساعد إيران في بيع نفطها وذكر تحديداً بنكا صينياً وآخر عراقياً.
وجاءت تلك العقوبات في إطار مزايدة أوباما على كسب ود اللوبي الصهيوني في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في أعقاب انتقادات المرشح الجمهوري ميت رومني بأن البيت الابيض فشل في التحرك بقوة كافية لوقف مساعي ايران النووية. 
وفي الـ2 من آب/ أغسطس 2012، صادق مجلس النواب الأميركي على حزمة جديدة من العقوبات ضد ايران تهدف إلى معاقبة المصارف وشركات التأمين وشركات النقل البحري التي تساعد طهران في بيع نفطها. ويتوقع ان يجرى الاقتراع في مجلس الشيوخ على مشروع القانون قبل ان يبدأ الكونغرس عطلة طويلة أوائل الاسبوع المقبل.
وأشارت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب النائبة الجمهورية إيلينا روس لتينين، المعروفة بميولها الصهيونية، إن مشروع القانون الذي توصل اليه مشرعون بارزون من الحزبين في الكونغرس "يسعى لتشديد الخناق على النظام (الإيراني) بشكل لم يحدث من قبل".
ويستند هذا القانون إلى قانون عقوبات تجارة النفط الذي وقعه الرئيس الأميركي باراك اوباما في ديسمبر كانون الأول الماضي ودفع اليابان وكوريا الجنوبية والهند ودول أخرى لخفض مشترياتها من النفط الايراني.
وإعتبرت لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأميركية (إيباك) - وهي جماعة ضغط(lobby) قوية مؤيدة لإسرائيل- أن هذا التشريع عند إضافته إلى العقوبات الأميركية الحالية "يمثل أقوى مجموعة من العقوبات لعزل أي دولة في العالم في زمن السلم".






التهديدات العسكرية لإيران

تصاعدت مؤخرأً التسريبات الإعلامية الإسرائيلية والأميركية باقتراب توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، بعد فشل مفاوضات الدول الست الكبرى مع طهران في بغداد واستنبول وموسكو. وفسّر البعض إرسال واشنطن لبارجتين إضافيتين إلى مياه الخليج كرسالة إلى إيران واستعداد أميركي لمنع طهران من إغلاق مضيق هرمز رداً على الحظر النفطي الأوروبي.
وعلى الرغم من هذه السيناريوهات التي رسمتها بعض الصحف الأميركية والإسرائيلية والعربية، وخصوصاً الكشف عن إنشاء محطة رادار للدرع الصاروخية الأميركية في العاصمة القطرية الدوحة، إلا أنني أعتقد أن الولايات المتحدة لن تقدم في هذه المرحلة على عدوان عسكري ضد ايران، ولن تسمح للكيان الإسرائيلي بالقيام بمغامرة ضرب المنشآت النووية الإيرانية والزج بالمنطقة بحرب شاملة. ولعل زيارة وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا للكيان الإسرائيلي قبل أيام كانت تصب في هذا الاتجاه وللوم الإسرائيليين على انتقادهم لإدارة اوباما بأنها لاتقوم بكل وسعها لإعاقة البرنامج النووي الإيراني.
  





ويأتي مشروع القانون الأميركي الجديد لتشديد الحظر على إيران في إطار إرضاء الكيان الإسرائيلي واللوبي الصهيوني، وفي الوقت نفسه عدم الرضوخ للضغوط الإسرائيلية لشن عدوان عسكري على ايران.

وأعتقد أن الدعم الأميركي والغربي والخليجي لما يسمى بـ"الجيش السوري الحر" المنشق والمعارضة السورية في الخارج بهدف إسقاط النظام السوري، جزء من الحرب الخفية ضد إيران وحزب الله وحلفائهما.
كما أن الولايات المتحدة قد خرجت مهزومة من العراق قبل ستة أشهر، ولا تزال غارقة في المستنقع الأفغاني، ولا أظن أنها جاهزة لخوض حرب جديدة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.
أما إسرائيل فهي غير قادرة على تدمير جميع المنشآت النووية الإيرانية من خلال غارات جوية بسبب انتشار هذه المنشآت على جميع المناطق الإيرانية الشاسعة من جهة، وتحصين معظم هذه المواقع تحصيناً شديداً من جهة أخرى. كما أن ضرب منشآت إيرانية سيفتح أبواب جهنم على المنشآت الإسرائيلية، من حيث جهوزية الصواريخ الإيرانية الباليستية لضرب الأهداف الإسرائيلية.
وقد ظهر خلال العقدين الماضيين، أن من مصلحة إيران استقرار الخليج وأمنه واستمرار تدفق النفط عبره إلى العالم كله، لأن الخليج هو المعبر الحيوي للصادرات والواردات الإيرانية، ولاسيما الصادرات النفطية التي تمثل 80 في المائة من عائداتها.
نشرة الدراسة في موقع البديع:

http://albadee.net

Comments

Popular posts from this blog

مقامات الأنبياء والرسل في لبنان

السيرة الذاتية للدكتور هيثم مزاحم

أسباب الصراع بين المماليك والعثمانيين- مراجعة: د. هيثم مزاحم