الفيلم المسيء للرسول (ص) والفتنة الطائفية في مصر


بقلم : د. هيثم مزاحم 

مرة أخرى يخرج علينا الغرب بفيلم مسيء للرسول محمد(ص)، بعنوان "محاكمة محمد نبي الإسلام" أو "براءة المسلمين"، بعد الفيلم الهولندي المعادي للإسلام والرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول، وكتاب "آيات شيطانية" للكاتب البريطاني الهندي سلمان رشدي المسيء للنبي محمد(ص).

ففي سنة 1988 نشر سلمان رشدي أشهر رواياته "آيات شيطانية" وحاز عنها على جائزة ويتبيرد.
لكن شهرة الرواية جاءت بسبب إساءتها لشخص الرسول محمد(ص) وما أثارته من اعتراضات وإحتجاجات في العالم الإسلامي، وخصوصاً بعد فتوى الإمام الخميني بهدر دم رشدي بعد إرتداده عن الإسلام وإساءته للرسول(ص).
ملكة بريطانيا منحت رشدي لقب "فارس" عام 2007 ما أثار تظاهرات وإحتجاجات جديدة وخصوصاً في باكستان وإيران.

في 30 سبتمبر 2005 قامت صحيفة "يولاندس بوستن" الدنماركية بنشر 12 صورة كاريكاتورية في محاولة للإساءة للرسول محمد(ص).
وفي 10 يناير 2006 قامت الصحيفة النرويجية Magazinet والصحيفة الألمانية دي فيلت والصحيفة الفرنسية France Soir وصحف أخرى في أوروبا بإعادة نشر الصور الكاريكاتورية، على الرغم من الاحتجاجات والاعتراضات الإسلامية في أوروبا والعالم الإسلامي، والتي وصلت إلى حد مقاطعة البضائع الدنماركية.

وقد جرح نشر هذه الصور مشاعر المسلمين وأخذت الاحتجاجات طابعا عنيفا في دمشق حيث أضرمت النيران في المبنى الذي يضم سفارتي الدانمارك والنروج في 4 فبراير 2006 وتم إحراق القنصلية الدانماركية في بيروت في 5 فبراير 2006.
في عام 2008، نشر رئيس حزب الحرية اليميني في هولندا جيرت فيلدرز فيلمه القصير عن الإسلام على موقع ليفليك المتخصص في نشر مقاطع الفيديو.

وتظهر المشاهد الافتتاحية نسخة من القرآن تتبعها لقطات من هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة.
ويظهر الفيلم أيضاً صوراً لتفجيرات لندن في يوليو/تموز 2005 وتفجيرات مدريد في مارس/آذار 2004.
الحكومة الهولندية نأت بنفسها عن آراء فيلدرز. كما رفضت وسائل الإعلام الهولندية نشر الفيلم.  وقال رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكانندا أنذاك إن حكومته ترفض التفسير الذي أعطاه فيلم "الفتنة" للإسلام. وأوضح أن "الفيلم يساوي بين الإسلام والعنف. نحن نرفض هذا التفسير".

وقد أثار الإعلان عن نشر الفيلم عاصفة من الاحتجاج في بعض البلدان الإسلامية، واندلعت تظاهرات غاضبة في بعض البلدان احتجاجاً على خطط نشر الفيلم على الإنترنت.

 

الإثنين الماضي 11 أيلول 2012، تم عرض فيلم "محاكمة محمد نبي الإسلام" أو "براءة المسلمين الذي أنتجه وأخرجه وكتبه سام باسيل، وهو إسرائيلي حاصل على الجنسية الأميركية، عمره 52 سنة ويقيم في كاليفورنيا ويدير شركات عقارية.
وكشف سام باسيل لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أنه قام بنفسه بكتابة السيناريو، وبإخراج الفيلم وإنتاجه في ثلاثة أشهر خلال منتصف العام الماضي وبالتعاون مع 59 ممثلاً ظهروا فيه، إضافة الى 45 آخرين عملوا من خلف الكاميرات.

وقال باسيل للصحيفة إن الإسلام هو "دين كراهية" و"سرطان". ووصف الفيلم بأنه "سياسي وليس فيلماً دينياً".
وبلغت تكاليف الفيلم، ومدته ساعتان، 5 ملايين دولار تم جمعها من 100 متبرع يهودي في أميركا" بحسب قول سام باسيل.
ولاتوجد أي صورة لسام باسيل حتى الآن على الانترنت، ما يشير إلى أنه يعمل بسرّية وبأجندة إسرائيلية لإثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وخصوصاً الأقباط الذين شارك بعضهم في دبلجة الفيلم إلى اللهجة المصرية. وأليس غريباً توقيت بث الفيلم على موقع يوتيوب الثلاثاء 11 سبتمبر في الذكرى الـ11 لهجمات 11 سبتمبر 2001، وكأنه يريد أن يحرّض الأميركيين على الإسلام والمسلمين، مستغلاً مآسي وذكريات أهالي ضحايا الهجمات.

وللقسيس الأميركي الشهير تيري جونز علاقة بالفيلم. وجونز هذا إشتهر خلال العامين الماضيين بسبب قيامه بحرق نسخاً من القرآن الكريم على الملأ، ومعارضته لإقامة مسجد قريب من موقع برجي مركز التجارة العالمي السابق في نيويورك.
وأكد جونز انه ينوي عرض مقتطفات لمدة 13 دقيقة من الفيلم مساء الثلاثاء في كنيسته في غينسفيل في فلوريدا. وزعم جونز في بيان "إنه إنتاج أميركي لايهدف إلى مهاجمة المسلمين ولكن إلى إظهار العقيدة المدمرة للإسلام".
وأشار متحدث باسم جونز أن الفيلم منشور على موقع الانترنت الخاص بحركة القس الأميركي.

صحيفة "وول ستريت جورنال" رأت أن الفيلم قد أجّج التظاهرات العنيفة المعادية للولايات المتحدة في مصر وليبيا حيث قتل السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة أميركيين وجرح خمسة آخرون في هجوم على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي في شرق ليبيا، قالت السلطات الليبية إن المهاجمين كانوا يحتجون على فيلم "براءة المسلمين".
كما تظاهر آلاف المصريين أمام السفارة الأميركية في القاهرة وأنزلوا العلم المرفوع فوقها وأحرقوه ورفعوا مكانه راية سوداء.
ويصوّر الفيلم المسيء للرسول(ص) المسلمين على أنهم من دون اخلاق وعنيفون.
كما أنه يصوّر النبي محمد بأبشع الصور وهو يدعو لقتل أطفال ، كما يظهره وهو يعاشر النساء.

والفيلم هو قمة في الإساءة للنبي، إذ يصفه بإبن الزنى، ويصوّره بأنه "فاشلٌ وشديد الشراهة في تناول الطعام، وشديد الادمان على الجنس.
كما أظهر الفيلم زوجة الرسول السيدة خديجة رضي الله عنها بأنها إمرأة مهووسة بالجنس، أتت براهب إلى الرسول محمد(ص) ليلقنه القرآن من خلال مجموعة من الخرافات، ونسخ مقتطفة من الإنجيل والتوراة. ويصف القرآن بأنه مجموعة من القصص الخرافية والخزعبلات.
وحيث أن الفيلم يهدف لإثارة الفتنة بين المسلمين والأقباط في مصر بشكل خاص، فقد أكد الأنبا مرقس، عضو المجمع المقدس والمرشح للكرسي البابوي، رفض الكنيسة القبطية لأية إساءات للأديان أو الأنبياء أو الرموز الدينية.
وأضاف أن موقف الكنيسة ثابت في هذا الشأن، لافتًا إلى وجود من يحاول صبّ الزيت فوق النار لإشعال فتنة طائفية بين الأقباط والمسلمين.
الأنبا موسى إسقف الشباب قال في بيان: "المسيحية ترفض الإساءة للأديان، وكل رموزها،..، لهذا فما يقوم به المدعو تيري جونز، ويشاركه فيه بعض الأقباط في الخارج، من إساءة للإسلام ورسوله، مرفوض منا جميعًا، مسيحيًا وقبطيًا، فالسيد المسيح يعلمنا احترام الأديان والإنسان".
وتابع: "قبطيتنا تعلّمنا الحفاظ على مشاعر إخوتنا في الوطن، وقد شاهدت بنفسي قداسة البابا، وهو يعنّف أحد هؤلاء بشدة، قائلاً له: "أنتم تؤذون مصر، وكل الأقباط، بهذه التصرفات المشينة".
الفاتيكان بدوره دان "الإهانات والاستفزازات غير المبرّرة لمشاعر المؤمنين المسلمين".

واضح أن هدف الفيلم هو الإساءة للرسول محمد(ص) وإشعال الفتنة بين الأقباط والمسلمين في مصر، من خلال مساهمة بعض الأقباط المهاجرين في أميركا والمتعصبين ضد الإسلام، بإنتاج الفيلم بالإشتراك مع القس الأميركي تيري جونز.
وقد قرّر ما يعرف "بالدولة القبطية في الخارج"، بزعامة الناشط القبطي المحامي المصري الأصل موريس صادق والدكتور عصمت زقلمة، عرض فيلم "محاكمة نبي الاسلام" اليوم، في الذكرى الثانية عشرة لأحداث 11 سبتمبر.


في الصورة: تظاهرة في طرابلس شمال لبنان إحتجاجاً على الفيلم المسيء للرسول(ص).
 

وقال صادق: "إن الدولة القبطية تؤيد المحاكمة الدولية لمحمد نبي الاسلام في كنيسة خادم الإنجيل البطل الدكتور القس تيري جونز في فلوريدا، في ذكرى هجوم(المصري) محمد عطا عضو جماعة الإخوان المسلمين على أميركا".
وصادق هذا كان قد دعا إسرائيل وأميركا مرات عدة إلى غزو مصر وتخليص الأقباط من "المسلمين الغزاة".
وتوعد المسلمين في مصر قائلاً: "سنعلن عن مفاجآت قريبًا جدًا ستهز الإسلاميين".

الناشط القبطي رفيق فاروق، المنسق العام لرابطة أقباط 38، أكد أن لا هدف لأقباط المهجر سوى الإساءة إلى الإسلام ومحاولة تدمير العلاقات بين الأقباط والمسلمين. وقال: "هناك مخطط تقوده أجهزة إستخباراتية من أجل تقسيم مصر، والفتنة الطائفية هي الثغرة التي يحاولون النفاذ منها".
وأشار إلى أن بعض أقباط المهجر يتلقون تمويلات من أصحاب هذه المخططات، محذراً الأقباط من الإنسياق وراء من وصفهم بأصحاب أجندات التقسيم.
وكشف أن أعضاء "الدولة القبطية في الخارج" معروفون بالتطرف والإنجذاب لإسرائيل.

Comments

Popular posts from this blog

مقامات الأنبياء والرسل في لبنان

السيرة الذاتية للدكتور هيثم مزاحم

أسباب الصراع بين المماليك والعثمانيين- مراجعة: د. هيثم مزاحم