المنسق الأميركي في أفغانستان السفير وليام تايلور: طالبان والقاعدة لا يريدان رؤية ديموقراطية إسلامية

المستقبل - الخميس 1 نيسان 2004 - العدد 1560 - شؤون عربية و دولية - صفحة 15


المنسق الأميركي في أفغانستان السفير وليام تايلور لـ "المستقبل"

"طالبان" و"القاعدة" لا يريدان رؤية ديموقراطية إسلامية



واشنطن ـ هيثم مزاحم

السفير وليام ب. تايلور هو منسق أفغانستان في وزارة الخارجية الأميركية. عمل لمدة تسعة أشهر كممثل خاص بشأن منح التمويل لأفغانستان والى جانب الحكومة الأفغانية والمانحين الدوليين لتسهيل تدفق المساعدة الدولية لأفغانستان وتشجيع المانحين على زيادة هذه المنح. وكان السفير تايلور خدم سابقاً كمنسق المساعدة الأميركية لأوروبا وأوراسيا في وزارة الخارجية الأميركية حيث أشرف على تزويد الوكالات الحكومية الأميركية للمساعدات الاقتصادية والأمنية والانسانية لـ 27 دولة من دول الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبا الشرقية. وقبل عمله في مكتب التنسيق في تموز 1992 أمضى خمس سنوات في بروكسل كمساعد خاص للسفير الأميركي في حلف شمال الأطلسي وليام تافت. وقد التقته "المستقبل" في واشنطن بمناسبة المؤتمرالدولي بشأن أفغانستان الذي بدأ في برلين امس ويتواصل اليوم وأجرت معه الحوار التالي حول أهداف المؤتمر والسياسة الأميركية في أفغانستان. والآتي نص الحوار:

طهران تساهم في الإعمار ونحن راضون
لكنها تسلح بعض الفصائل ونحن غير راضين

ما هي الأهداف المتوخاة من مؤتمر برلين؟
ـ المؤتمر فرصة حقيقية للمجتمع الدولي للاجتماع وإعادة تأكيد التزامه بشأن مستقبل أفغانستان، والتطور الناجح للاقتصاد الأفغاني ومستقبل أفغانستان السياسي وتحسين الوضع الأمني فيها. وسيحضر المؤتمر نحو 56 وفداً دولياً وسوف يترأس وزير الخارجية كولن باول الوفد الأميركي. وقد عاد باول أخيراً من كابول حيث أجرى محادثات مع الرئيس حامد قرضاي ومسؤولين آخرين وهو متحمس جداً لتأكيد الالتزام بمستقبل أفغانستان الطويل المدى. وسيبحث المؤتمر في مسألة الديون الأفغانية وقضية تهريب المخدرات من أفغانستان الى روسيا وأوروبا.
ماذا تتوقعون من مؤتمر برلين على المديين القصير والبعيد؟
ـ على المستوى السياسي، سيكون المؤتمر فرصة كبيرة للرئيس قرضاي للإعلان للعالم عن نيته اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية هذا الصيف. أما على المستوى الاقتصادي فهذا مؤتمر مانحين وتوجد مطالب للمدى القصير ومطالب للمدى البعيد. فعلى المدى القريب حتى السنة المقبلة يريد الرئيس قرضاي ووزير ماليته أن يُطمئنا أن المجتمع الدولي سيقدم تقديمات كافية لمواصلة مشاريع التطوير لبناء البلاد وتغطية نفقات عمل الحكومة من نفقات تربية ودفاع وأمن وخدمات عامة. فهذه النفقات يجب أن تؤمن تمويلها السنة المالية المقبلة التي بدأت فعلاً (بحسب التوقيت الأفغاني الشمسي) وهم يقولون إنهم يريدون بين 3 و4 مليارات دولار وسيكون تحدياً للمجتمع الدولي لتأمين هذا المبلغ لتسريع اعادة البناء ودفع تكاليف عمل الحكومة.
أما على المستوى البعيد المدى، فقد وضع كل من البنك الدولي وحكومة أفغانستان وبنك التنمية الآسيوي رؤية حول المصادر التي تحتاجها أفغانستان كي تقف على رجليها لإقامة البنى التحتية الاقتصادية والمشاريع الانمائية الأخرى. وقد توصلوا الى استنتاج أنهم يحتاجون ما بين 27 و28 مليار دولار خلال 7 الى 10 سنوات. وقد قدمت الولايات المتحدة للعام 2004 مبلغ 2.2 ملياري دولار وسوف تقدم نحو مليار دولار للعام المقبل، ونتوقع من حلفائنا أن يواصلوا تقديم المنح على المستوى السابق نفسه على الأقل اذا كان لا يمكنهم زيادتها. وقد أكد الوزير باول في كابول أخيراً أننا هناك لوقت طويل ونحن هناك لنتأكد أن حكومة أفغانستان ستنجح سياسياً واقتصادياً وأمنياً.
هل تعتقد أن هناك امكانية حقيقية لبناء دولة ديموقراطية موحدة ومستقرة في أفغانستان ونزع أسلحة الميليشيات فيها؟
ـ نعم أعتقد أنه بالإمكان بناء دولة ديموقراطية ومستقرة في أفغانستان ونزع سلاح الميليشيات فيها. وسيكون ذلك تحدياً كبيراً في كلا المسألتين لأن هناك بعض قادة الميليشيات الذين لا يريدون دمقرطة البلاد ونزع أسلحة الميليشيات. هذا سيكون تحدياً والحكومة الأميركية والمجتمع الدولي عازمان على بناء دولة ديموقراطية مستقرة في أفغانستان. ولكن حركة طالبان وتنظيم القاعدة وقوى أخرى لا يريدون أن يروا أي نجاح على صعيد عملية إعمار البلاد وإجراء انتخابات، وهم يواصلون الضغط لعرقلة هذا المسار. ولكننا نواصل تقديم الدعم للحكومة الأفغانية وأظن أن بإمكاننا النجاح.
كيف تتوقعون حل مشكلة انعدام الأمن في أفغانستان وسيطرة زعماء الحرب على بعض المدن والمحافظات؟
ـ نأمل أن يساهم إنشاء وتعبيد الطرق بين المدن والمحافظات في تحسين الوضع الأمني في البلاد. أما بالنسبة لزعماء الحرب فهناك توترات بين هذه الميليشيات من جهة وهناك مشكلة نزع سلاح الميليشيات ودمجها من جهة أخرى. ونعمل مع اليابانيين من خلال الأمم المتحدة والحكومة الأفغانية على تفكيك الميليشيات ونشر الجيش الأفغاني في مناطق التوتر التي تهيمن عليها الميليشيات حيث انتشر نحو ألف جندي أفغاني أخيراً في هرات بعد الحادث الأخير وقد تمنكوا من تهدئة الوضع هناك بعد مجيء وفد حكومي رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية، وهو ما يشير الى تأثير الرئيس قرضاي وقدرته على توسيع نفوذه الى المناطق الأبعد على طول البلاد.
هل يمكن تنظيم انتخابات حرة في ظل اتعدام الأمن وسيطرة الميليشيات على بعض المناطق؟
ـ ستكون الانتخابات تحدياً كبيراً وهناك تحديات لوجستية وسياسية. على المستوى اللوجستي هناك حاجة لتسجيل بين 9 و10 ملايين ناخب إذ يوجد فقط مليون ونصف مليون ناخب مسجلين، ويجب تأمين صناديق الاقتراع ووسائل نقل لوضعها في مراكز الاقتراع في المحافظات كافة. كما أن هناك مشكلات تقنية لتحديد عدد سكان الدوائر الانتخابية وتحديد حدود هذه الدوائر الى مشكلة الأمن اذ أن هناك عناصر في أفغانستان والدول المجاورة لا تريد نجاح الانتخابات فيها وهم يحاولون عرقلة قيام لوياجرغا دستوري، أقصد حركة طالبان وتنظيم القاعدة ومجموعة قلب الدين حكمتيار، فهم لا يريدون رؤية قيام ديموقراطية اسلامية ليبرالية معتدلة في جمهورية اسلامية.
لايران مصالح قومية في أفغانستان وقد جرت بينكم وبين الايرانيين محادثات قبل الحرب ضد حركة طالبان وخلالها، فهل ما زلتم تواصلون هذه المحادثات، وهل ثمة تعاون مع ايران بشأن مستقبل افغانستان؟
ـ ليس هناك محادثات مباشرة، فالايرانيون يلعبون دوراً بناء ودوراً غير بناء في أفغانستان ونحن نقدر الدور البناء وقد خاب أملنا من الدور غير البناء. فدورهم البناء هو في جهودهم في اعادة البناء فهم على سبيل المثال يبنون طريقاً من الحدود الايرانية الى داخل أفغانستان وقد أظهروا استعداداً لمنع تهريب المخدرات من أفغانستان عبر ايران الى تركيا وصولاً الى اوروبا وعلى الرغم من أننا لا نتعاون مباشرة معهم لكننا سعداء في رؤية ذلك، لكنهم يقومون بدور هدام من خلال تزويدهم أسلحة لبعض الميليشيات في أفغانستان وتشجيعها على معارضة سلطة الرئيس قرضاي في كابول. فالعلاقة مع ايران علاقة معقدة لكنها ليست علاقة مباشرة. وبالمناسبة ايران ستشارك في مؤتمر برلين.
ألا تعتقد أن على الولايات المتحدة التعاون مع جيران أفغانستان بشأن مستقبل هذه البلاد نظراً لوجود حلفاء محليين لهذه الدول المجاورة؟
ـ نعم أوافق تماماً. وكما ذكرت هناك صعوبة في العمل المباشر مع ايران ولكننا نتعاون مع باكستان وروسيا وبشكل أقل مع الصين وأوزبكستان وطاجيكستان. ونعمل بشكل مكثف مع باكستان حيث توجد لنا قواعد من اجل تأمين المؤن الى أفغانستان ولا يمكننا العمل بشكل جيد من دون الدعم والتعاون من قبل باكستان.
هل استطعتم ايجاد طرف معتدل من حركة طالبان للتحاور معه ودمجه في المجتمع الأفغاني؟
ـ الحكومة الأفغانية والرئيس قرضاي اتخذا قراراً أنه اذا رغب عناصر معتدلون من "طالبان" أو عناصر سابقون منها في الاندماج في المجتمع الأفغاني وأرادوا التخلي عن عقائدهم المتطرفة غير متورطين في جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان فعندها الرئيس قرضاي مستعد للحوار معهم ودمجهم في المجتمع ونحن ندعم ذلك.

Comments

Popular posts from this blog

مقامات الأنبياء والرسل في لبنان

السيرة الذاتية للدكتور هيثم مزاحم

أسباب الصراع بين المماليك والعثمانيين- مراجعة: د. هيثم مزاحم