الأصول السياسية للتسامح الديني
بقلم: د. هيثم مزاحم* — يعاني العالم العربي والإسلامي اليوم من مشكلة الصراعات الطائفية والمذهبية التي تعيق استقرار دوله وتقدم شعوبه فضلاً عن الخسائر البشرية والاقتصادية التي تصيبها نتيجة هذه الحروب الدينية. لكن مشكلة الصراعات الطائفية ليست مقتصرة على العالم الإسلامي، بل هي مشكلة عانى منها -كذلك – الغرب المسيحي والشرق الهندي – الصيني ولا يزال. ولم تعرف بعض دول أوروبا والقارة الأمريكية التسامح الديني بشكل مقبول إلا في نهاية القرن العشرين. لكن دوافع هذا التسامح لم تكن دينية وأخلاقية، بل كانت سياسية واقتصادية في المقام الأول. فعلى سبيل المثال، وقع ملك فرنسا هنري الرابع، في 13 أبريل (نيسان) 1598، مرسوماً أعطى فيه البروتستانت الفرنسيين (الهوغونت) – في أمة سادت فيها الكاثوليكية – ضماناً بأنهم لن يضطهدوا بعد ذلك التاريخ بسبب معتقداتهم الدينية المنشقة عن الكاثوليكية والمخالفة لها، عرف بمرسوم نانت ( Nantes). مثلت هذه الوثيقة خطوة مهمة نحو حرية أكبر للاعتقاد في أوروبا، لكن هذه الوثيقة لم تدم طويلاً، فبعد أقل من قرن، أي في 1685 قام الملك لويس الرابع عشر بإلغاء المرسوم، ما نتج عنه الكث