النص القرآني والاستشراق الجديد - د. رضوان السيد
انتهى الاستشراق الكلاسيكي (ما بين نولدكه ورودي باريت) إلى أنّ النص القرآني الذي يتداوله المسلمون في المصحف العثماني هو ما تركه النبي صلوات الله وسلامه عليه، وأجمع عليه المسلمون منذ عهد عثمان بن عفان. ويحفل هذا النص بإشكاليّات نحوية وصرفية ومضمونية وتركيبية، إنما لا مرجع لفهم هذا النص وإشكاليّاته إلا ميراث المسلمين التفسيري في القرون الثلاثة الأولى للإسلام. وجاء الاستشراق الجديد منذ السبعينيات من القرن العشرين المنقضي، معيداً النظر وبشكلٍ راديكالي في كلّ نتائج الاستشراق الكلاسيكي، سواء بالنسبة للقرآن، أو بالنسبة لتاريخ الإسلام الأول (القرن الهجري الأول). وقد مرّ هذا الاستشراق بموجتين؛ الموجة الأولى بين السبعينيات والتسعينيات، والموجة الثانية منذ النصف الثاني من التسعينيات وحتى اليوم. في الموجة الأولى رفض المراجعون الجدد كلّ النتائج البحثية السابقة، وذهبوا (من مثل وانسبورو وكرون وكوك وتلامذتهم) إلى أنّ القرآن ليس نصاً قائماً بذاته، أو أنّ ما بين أيدي المسلمين منه إنّما هو أمشاج ممّا تركه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأمويون، وأنّه ما صار نصاً قانونيّاً إلا في القرن الثال...