Posts

سيادة الديموقراطية وغياب الحرية

Image
 د. هيثم مزاحم ثمة خطأ يقع فيه كثيرون عندما يتحدثون عن الديموقراطية والليبرالية باعتبارهما شيئاً واحداً، والواقع إن المفهومين مختلفان، فالديموقراطية هي عملية اختيار الحكام والحكومات، لكن الليبرالية الدستورية تتعلق بأهداف الحكومة وترجع إلى التقليد الضارب في التاريخ الغربي، والذي يسعى إلى حماية استقلالية الفرد وكرامته من الإجبار، أي الحقوق والحريات الأساسية. يشير الباحث والصحافي فريد زكريا، في كتابه ""مستقبل الحرية: الديموقراطية الليبرالية في الداخل والخارج"، الذي نشره عام 2003 ثم نقحه عام 2007 إلى أن الليبرالية الدستورية تتميّز بالانتخابات الحرة النزيهة وبسيادة القانون والفصل بين السلطات وحماية الحريات الأساسية في التعبير والتجمع والتدين، إلا أنها ليست الديموقراطية ولم تتزامنا دائماً مع بعض. ويلفت إلى أن هتلر أصبح مستشاراً لألمانيا من خلال انتخابات حرة وأن بعض الأنظمة الديكتاتورية في آسيا الوسطى وصلت إلى السلطة بالطريقة نفسها وأن الانتخابات في يوغسلافيا وإندونيسيا قد أدت إلى تفاقم النزاعات بين الجماعات والتوترات الإثنية. ويؤكد زكريا أن هناك على أرض الواقع دو...

الأكراد في مصر... من الأيوبيين إلى محمد علي باشا

Image
د. هيثم مزاحم الحياة السبت ٨ ديسمبر ٢٠١٢ صدر في القاهرة كتاب «الأكراد في مصر عبر العصور»، وشارك في تأليفه درية عوني ومحمود زايد ومصطفى محمد عوض، وكشف عن الوجود التاريخي للأكراد في مصر ودورهم في نهضتها. فقد هاجر الكثير من الأكراد إلى مصر وانقطعت جذورهم مع موطنهم الأول، ولم يبقَ لهم من تلك الصلة سوى الإسم. ومن أبنائهم وأحفادهم خرج الكثير من القادة العسكريين ورجال الإدارة والأدباء والشعراء والفقهاء والفنانين، وأسدوا خدمات جليلة لوطنهم مصر، لكنهم لم ينكروا كرديتهم. يرى باحثون أكراد أن مصر من أكثر البلدان العربية التي كانت لها علاقات وثيقة وقديمة بالأكراد. بدأت هذه العلاقات بين الميتانيين، أجداد الأكراد، وبين الملوك الفراعنة منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد. بعد الفتح الإسلامي لكردستان ودخول الأكراد كمكوّن جديد للأمة الإسلامية، ساهم الكرد مع إخوانهم من المسلمين في صنع الحضارة الإسلامية الزاهية، وأخذوا يتوافدون على مصر كرجال حكم وإدارة وقادة عسكريين وجنود وتجار وطلبة علم في الجامع الأزهر طوال التاريخ الإسلامي. كانت كردستان تسمّى بالقلاع الأمامية للبلاد الإسلامية؛ لأ...

تطوّر التصوّف الإسلامي من الزهد إلى وحدة الوجود

Image
د. هيثم مزاحم إختلف الباحثون في أصل كلمة "تصوّف". فذهب البعض إلى أنها مشتقة من مصدر الفعل "تصوّف" للدلالة على لبس الصوف، في محاولة لعيش حياة زهد وتنسك فأطلق عليهم الصوفية. وذهب البعض الآخر إلى أن الصوفية نسبة إلى أهل الصفة"، وهم فرق من النساك كانوا يجلسون فوق دكة المسجد في المدينة في عهد النبي، أو أنهم كانوا في الصف الأول من صفوف المسلمين في الصلاة. أما البعض فقد نسب الصوفية إلى الكلمة اليونانية "سوفوس" أو ثيوسوفيا Theosophia     وهي تعني حكمة الله وتتضمن العلوم، والفلسفة والدين. لكن المستشرق الألماني نولدكه رفض هذا القول مبيناً أن السين اليونانية تكتب باطراد في العربية سيناً لا صاداً، وأن ليس في اللغة الآرامية كلمة متوسطة للانتقال من "سوفوس" اليونانية إلى "صوفي" العربية. يقول المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون إن لفظ "الصوفي" ورد لأول مرة في التاريخ الإسلامي  في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي، إذ نعت به جابر بن حيّان، وهو عالم الكيمياء المعروف من الكوفة، وكان تلميذ الإمام جعفر الصادق، وكان له في الزهد مذهب...

كيف تحوّل الحركات الثورية المحبط إلى إرهابي؟

Image
د. هيثم مزاحم       الصورة: الباحث الأميركي إيريك هوفر نشر الباحث الأميركي إيريك هوفر كتاباً عام 1951 بعنوان "المؤمن الصادق... أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية"، عرض فيه الخصائص التي تشترك فيها الحركات الجماهيرية، سواء كانت دينية أو اجتماعية أو قومية، على الرغم من الاختلافات في ما بينها. فالحركات الجماهيرية تولّد في نفوس أتباعها استعداداً للموت وانحيازاً للعمل الجماعي، وجميعها تولّد الحماسة والرغبة بالكراهية وعدم التسامح، وجميعها قادرة على تفجير طاقات قوية من الحراك في بعض مناحي الحياة، وجميعها تتطلب من أتباعها الإيمان الأعمى والولاء المطلق، وجميعها تستقطب أتباعها من النماذج البشرية نفسها، وتستميل الأنماط والعقول نفسها. كما وتتشابه الحركات الجماهيرية في إخلاصها وإيمانها وسعيها إلى السلطة، وفي وحدتها واستعدادها للتضحية. إذاً التطرف - بحسب إيريك هوفر - واحد وذو طبيعة واحدة سواء أكان تطرفاً دينياً أو قومياً أو أيديولوجياً، وهو يفترض أن الإحباط في حد ذاته يكفي لتوليد معظم خصائص "المؤمن الصادق"، وهي عبارة تعني هنا "المنخرط في حركة جماهيرية ب...