سيادة الديموقراطية وغياب الحرية
د. هيثم مزاحم
ثمة خطأ يقع فيه كثيرون عندما يتحدثون عن الديموقراطية والليبرالية باعتبارهما شيئاً واحداً، والواقع إن المفهومين مختلفان، فالديموقراطية هي عملية اختيار الحكام والحكومات، لكن الليبرالية الدستورية تتعلق بأهداف الحكومة وترجع إلى التقليد الضارب في التاريخ الغربي، والذي يسعى إلى حماية استقلالية الفرد وكرامته من الإجبار، أي الحقوق والحريات الأساسية.
يشير الباحث والصحافي فريد زكريا، في كتابه ""مستقبل الحرية: الديموقراطية الليبرالية في الداخل والخارج"، الذي نشره عام 2003 ثم نقحه عام 2007 إلى أن الليبرالية الدستورية تتميّز بالانتخابات الحرة النزيهة وبسيادة القانون والفصل بين السلطات وحماية الحريات الأساسية في التعبير والتجمع والتدين، إلا أنها ليست الديموقراطية ولم تتزامنا دائماً مع بعض.
ويلفت إلى أن هتلر أصبح مستشاراً لألمانيا من خلال انتخابات حرة وأن بعض الأنظمة الديكتاتورية في آسيا الوسطى وصلت إلى السلطة بالطريقة نفسها وأن الانتخابات في يوغسلافيا وإندونيسيا قد أدت إلى تفاقم النزاعات بين الجماعات والتوترات الإثنية.
ويؤكد زكريا أن هناك على أرض الواقع دولاً ديموقراطية غير ليبرالية ويضرب مثالاً بالسلطة الفلسطينية التي يرى أن من ينتقدونها لأنها غير ديموقراطية مخطئون، لأن مشكلتها ليست في عدم ديموقراطيتها بل في انعدام ما يسميه بالليبرالية الدستورية فيها، وعلى العكس يؤكد زكريا أن هناك دولاً كانت أكثر ليبرالية في ظل الديكتاتورية مثل يوغسلافيا تيتو التي ساء الوضع فيها بعد أن أصبح النظام فيها ديموقراطياً.
وتوقع زكريا أن تؤدي الديموقراطية في العالم العربي إلى أنظمة رجعية، مؤكداً أنه لو جرت فيه انتخابات حرة وتمت الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية التي تحكمه، فإن النظم البديلة ستكون أكثر رجعية وعداء للغرب والولايات المتحدة. فالبلدان الحديثة العهد بالديموقراطية تتحول فيها إلى عملية زائفة تفرز الفوضى والعنف وأشكال جديدة من الاستبداد. فالانتخابات والتي تعتبر بمثابة جوهر للديموقراطية قد تفرز حكومات فاسدة وقصيرة النظر.
ولكن هذا لا يلغي ديموقراطيتها، ولذلك لابد من توافر بعض الشروط لهذه الديموقراطية كحماية حرية التعبير والتجمع ومنح المرأة حق الانتخاب.
الصورة: فريد زكريا
وأما إذا لم تراعَ هذه الحقوق وكان فيها بعض الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فهي ديموقراطية غير ذات معنى.
ويؤكد زكريا أن الديموقراطيات الغربية تشهد تجاهلاً حقيقياً من قبل الشعب، إلا أنها تظل مع ذلك النموذج الذي يحتذي به سائر أنحاء العالم.
والديموقراطية ليست مطلقة وإلا ستؤدي إلى الفوضى، أما الولايات المتحدة، فهو يقول إن الأميركيين يعتبرون نظامهم الديموقراطي نظاماً معقداً يستحيل تطبيقه في أي بلد آخر، ويُرجع ذلك إلى وجود تعارض بين الليبرالية والديموقراطية، ويضرب مثالاً على ذلك بالكونغرس الذي يراه أكثر ديموقراطية وأقل تأثيراً.
جذور الديموقراطية:
يتناول زكريا جذور فكرة الديموقراطية، فيرى أن الحرية هي التي قادت إلى الديموقراطية وليس العكس فيعرض كيف كانت اليونان هي مهدها، لكنه ينتقدها لأنها لم تطبقها إلا في عدد قليل من مدنها، ولأنها -أي الديموقراطية- هي التي أصدرت الحكم بإعدام الفيلسوف الكبير سقراط، فاليونان لم تكن أصل الحرية بقدر ما كانت تمثل حضارة للفلسفة والعلوم والآداب وكانت أقرب إلى الديموقراطية بلا حقوق مقدسة للأفراد.
ثم يتناول تجربة الرومان التي يرى أنها أعطت العالم نموذجاً للحرية، عاش فيه مواطنوها سواسية أمام عدالة القانون، فالرومان أكدوا على حرية الأفراد أي أن يتمتع جميع المواطنين بمعاملة متساوية أمام القانون، وفي الجمهورية الرومانية تم تقسيم السلطة إلى ثلاثة فروع وانتخاب المسؤولين فيها لفترات زمنية محدودة. ومنها استقت أميركا المصطلحات السياسية: مجلس الشيوخ، الجمهورية، الدستورية، الولايات الخ. ولكن أكبر نقيصة في القانون الروماني كانت في عدم سريانه على الطبقة الحاكمة، حيث أدى ذلك إلى انحلال الجمهورية وتحوّلها إلى الملكية.
وبعد عرض تاريخي يعرض فيه كيفية علو سلطة الكنيسة على سلطة الدولة وصراع القبائل الجرمانية مع الإمبراطورية الرومانية التي أودت بها، يقف زكريا عند حركة الاحتجاج ضد الكنيسة التي قادها مارتن لوثر (غير الليبرالي) الذي كان صراعه مع السلطة أساساً لحرية الاعتقاد وحرية التفكير وحرية التعبير.
رجوع زكريا إلى تلك المراحل التاريخية كان له هدف محدد هو التأكيد على أن تجربة الغرب مع الديموقراطية والحرية وإن لم تكن ذات أصول جينية، إلا أنها مرت بمراحل عديدة مكّنتها من الانتقال من الليبرالية الدستورية إلى الرأسمالية إلى الديموقراطية الليبرالية، ليخلص إلى أن محاولات تقليد النظم الغربية حتما ستبوء بالفشل، وأن الدول التي حاولت أن تنتقل بسرعة من نقطة الصفر إلى الديموقراطية تحّولت إلى أنظمة ديكتاتورية تمارس أبشع أنواع القهر والطغيان.
يعود زكريا في كتابه بعيداً إلى الوراء ليلاحق بزوغ أول إشعاعات الحرية التي ستعتمد عليها بعد ذلك الديموقراطية في بناء نفسها، ويجادل بأن أضواء الحرية بدأت مع الكنيسة الكاثوليكية التي تتهم دائماً بأنها أكثر المؤسسات استبدادية على مدار التاريخ.
ومع أن زكريا لايعارض هذه الفكرة الا أنه يرى أن وقوف الكنيسة التي تمتلك نفوذاً واسعاً في وجه السلطة الملكية ساهم في الحد من سيطرة الدولة على أوجه الحياة، ويذكر القصة الأولى التي وقفت فيه الكنيسة هذا الموقف الصلب عندما قام الإمبراطور ثيوديسيوس يطلب المغفرة من الأسقف أمبروز الذي طلب منه أن يرتدي لباس الشحاذ ويقف خارج الكاتدرائية لمدة ثمانية أشهر، بعد ذلك تقوّت الكنيسة واتخذت خطاً استبدادياً وظلامياً، ولكنها ساهمت على الأقل بشق الصدوع الأولى التي انبثقت من خلالها الأضواء الأولى للحرية.
صعود الحرية في أوروبا:
أسهمت الجغرافيا والتاريخ في تشكيل الهيكل السياسي لأوروبا، حيث تحوّل ملاك الأراضي في أوروبا إلى أرستقراطية تملك المال والشرعية وتنافس الملوك.
وكانت تطالبهم بأن يكفلوا لها حقوقاً معيّنة لايستطيع الجالس على العرش انتهاكها. كما قاموا بتأسيس هيئات نيابية –برلمانات- ومجالس طبقات الأمة الثلاث (النبلاء- رجال الدين - الشعب) والمجالس التشريعية، للتعبير عن مطالبهم بصورة دائمة. وبعد المواجهة بين الكنيسة والدولة، وبين الملك واللوردات، كان الصراع التالي بين الكاثوليك والبروتستانت وعلى الرغم من دمويته، فقد كان له دور في تعزيز مسألة الحرية.
مع حلول القرن السابع عشر وبروز التحوّلات التكنولوجية، والمنافسة العسكرية المتصاعدة، وإثارة النزعات الوطنية، وظهور القدرة على تطبيق مركزية جمع الضرائب، استطاعت الدولة أن تفرض نفسها على الارستقراطيات والنبلاء، فقام الملوك بإغلاق غالبية البرلمانات ومجالس الطبقات والمجالس النيابية والتشريعية التي عرفتها القرون الوسطى. وبعد الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789، بسطت الحكومة المركزية نفسها ونزعت القوة من السلطات المحلية والإقليمية.
وظهر مفهوم السيادة الشعبية على حساب السلطة المطلقة وأعلنت الأهداف الكبرى: "الحرية، المساواة، الإخاء". وبحلول القرن الثامن عشر نسفت الرأسمالية أنماطاً من الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية دامت آلاف السنين وخلقت طبقة مستقلة من رجال الأعمال أصبحوا يشكّلون القوة المهيمنة في المجتمعات المتقدمة في العالم. وبحلول أوائل القرن التاسع عشر ازدهرت في المملكة المتحدة الحرية الفردية وسادت المساواة في ظل القانون، ولكن لم تكن ديموقراطية، فقبل مرسوم الإصلاح لعام 1832 كان 1.8 في المئة فقط من الراشدين في بريطانيا يتمتعون بحق الانتخابات وبعد المرسوم ارتفع إلى 2.7 في المائة، وبعد عام 1867 أصبح 6.4 في المائة فقط وبعد عام 1884 وصل الرقم إلى 12.1 في المائة.
ولم تنل المرأة حق الانتخاب الكامل إلا في عام 1930، أما في الولايات المتحدة الأميركية، فقد كان 5 في المائة يقترعون بين 1824 و1848 ولم ينل السود حق الانتخاب إلا بعد عام 1960.
ويعود صعود الحرية في أوروبا عن غيرها من القارات لأسباب جغرافية أيضاً، فأوروبا التي تقطعها الأنهار والخلجان الصالحة للملاحة باتت عصية على الأباطرة من السيطرة عليها من نابليون وحتى هتلر، وهذه الميزة الجغرافية منحت المدن الصغيرة القدرة على الاستقلالية عندما بات بإمكانها كسب قوتها بنفسها، وهذا ما لم يكن موجوداً في آسيا التي كانت عبارة عن سهول منبسطة سهلت على الجيوش الكبيرة الزحف والسيطرة.
أما بالنسبة لأفريقيا فإن الحرارة الاستوائية التي تجلب الأمراض وأنهارها الضحلة والمليئة بالصخور فجعلها قارة غير مرغوبة، كما أن الصعود الكبير لطبقة التجار منحهم النفوذ والقدرة على معارضة الأباطرة الذين كانوا بحاجة إلى الدخول في مفاوضات طويلة معهم من أجل أن يوافقوا على الدخول في الحرب أو اتخاذ قرارات مصيرية.
ويعتبر زكريا أن الرأسمالية التي حطمت أسوار الإقطاعية وجعلت من التغيير والدينامية الفلسفة الحاكمة بدلاً من التقاليد، هي أكبر قوة غيّرت في وجه أوروبا ودفعتها نحو الحرية، وكذلك فإن الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت هو الذي منح الناس فكرة الاستقلال عن سلطة الكهنة والقساوسة، ويرى أن الديموقراطية هي الشيء الذي عمّ في القرن العشرين كل بلاد العالم ولم تعدّ حكراً على أوروبا وأنها انتقلت من كونها أحد أشكال الحكم إلى كونها أسلوباً للحياة، حيث أن الاقتصاد والادخار والاستهلاك لم تعد حكراً على مجموعات صغيرة من رجال الأعمال المصرفيين البيروقراطيين بل أصبح ظاهرة جماهيرية، وأن الطبقة الوسطى هي الأساس في المجتمعات الراهنة، وأن الديموقراطية تعبّر عن هذه الكلية. ومن أهم القوى الموّلدة للموجة الديموقراطية هي الثورة التكنولوجية والثراء المتنامي للطبقة المتوسطة وانهيار النظم والإيديولوجيات، ثم كذلك ظهور أميركا كقوة مهيمنة على العالم بعد الحرب العالمية الثانية. فالتكنولوجيا بكل أشكالها كانت تعزّز المركزية، إلا أن الثورة المعلوماتية وشبكة الانترنت أزالتا الحواجز وجعلتا الجميع متواصلين من دون أن يتحكم أحد بأحد، حتى التكنولوجيا النووية أصبحت متاحة ومباحة للجميع، وعلى الانترنت.
يذهب زكريا إلى انتقاد الديموقراطية غير المشروطة بالليبرالية لأنها تؤدي إلى انتخاب عنصريين فاشيين أو نظام من دون قيود دستورية على سلطته، أما الديموقراطية الليبرالية فهي تعني – في نظره - نظاماً سياسياً ديموقراطياً علمانياً وقابلاً للتطوّر حسب موازين القوى.
كانت غالبية البلدان في أوروبا الغربية حتى القرن العشرين أوتوقراطيات ليبرالية أو نظم شبه ديموقراطية، وكان حق الاقتراع فيها مقيّداً للغاية، وكانت مجالسها التشريعية المنتخبة محددة السلطات.
وفي عام 1830 كانت بريطانيا تسمح بنسبة 2 في المائة بالكاد من سكانها بالتصويت لانتخاب مجلس نيابي واحد. ومنذ عام 1945 صارت الحكومات الغربية تجسّد في غالبيتها كلاً من الديموقراطية والليبرالية الدستورية.
والتاريخ الحديث لأوروبا وأميركا الشمالية سادت فيه الليبرالية الدستورية وليس الديموقراطية ولعب القاضي النزيه دوراً أساسياً فيه وليس الاستفتاء العام، بحسب الكاتب فريد زكريا.
المال وحده لا يكفي:
يربط زكريا بين نمّو الاقتصاد ونمّو الديموقراطية الليبرالية، بعد أن يوضح كيف انهارت ألمانيا النازية برغم ديموقراطيتها، وأن الديموقراطية الليبرالية لم تتحقق للألمان إلا بعد أن تم فرض نظام من الخارج إثر احتلالها وتقسيمها، وبعد أن ازدهرت اقتصادياً، ويشير زكريا إلى دول الخليج [الفارسي] العربية ليضرب بها المثل على أن غنى الدولة وحده ليس كافياً لنمّو الديموقراطية الليبرالية، لأن الثراء الذي يكون مصدره طبيعياً يجعل الدولة في غنىً عن الشعب، فهو لايستطيع محاسبتها، لأنها ليست في حاجة إلى ضرائبه، كما أن الأموال تأتيها من دون أن تكون في حاجة إلى تعديل قوانينها ونظام الحكم فيها، ومن هنا يصبح ثراؤها دافعاً لمزيد من الديكتاتورية.
ويسرد زكريا أسباباً كثيرة ومتعددة وجديدة حول أسباب صعود الحرية في أوروبا التي جعلها الأكثر قدرة على استيعاب النظام الديموقراطي الذي يحتاج إلى ثقافة تحرّرية حتى ينجح، ومن خلال هذا العرض الذي ينقلك بطريقة بين الماضي والحاضر، يتطرق زكريا إلى الأسباب التي جعلت ألمانيا تخفق في الوصول إلى الديموقراطية التحرّرية إلا بعد حرب سحقتها تماماً، ويقول إن عدم وجود ثقافة حقيقة للحرية هو الذي دفعها لاحتضان نظام نازي ووحشي مثل نظام هتلر الديكتاتوري، ألمانيا كانت فخورة بتقاليدها البيروقراطية، وكانت تملك صحافة دعائية، وللمجتمع الألماني ميول كبيرة للالتحاق بالدولة، فضلاً عن العمل في قطاع الأعمال بشكل مستقل وخاص، لكن عكس كل ذلك كان موجوداً في انجلترا التي اتجهت الى الحرية بينما اتجهت ألمانيا إلى الاستبدادية قبل أن تعدل بعد ذلك مسارها.
ويناقش زكريا قضية الثقافة وهل هي المساهم الرئيسي في دفع الشعوب إلى الأمام أو للخلف، ويعارض رأي أستاذه المفكر الأميركي الشهير صموئيل هنتنغتون، صاحب نظرية "صدام الحضارات"، الذي يقول بأهمية الثقافة القصوى للتغيير، ويعتبر زكريا أنه من الخطأ رد الديموقراطية إلى نوع من الثقافة أو الدين وإنما إلى السياسات التي يتبناها القائمون على النظام الحاكم، ويقول إن السياسة والاقتصاد لهما دور أكبر في التغيير وان الثقافة تلحق بهما، ويضرب على ذلك أمثلة حول الصينيين الذين يزدهرون خارج بلدهم ويفشلون داخلها مع أنهم لا يغيّرون ثقافتهم، ولم ينجحوا في الداخل الصيني إلا بعد ان انفتح النظام الصيني في العقدين الماضيين على اقتصاد السوق الحرة، وكذلك حدث مع اللبنانيين والهنود وحتى الإسرائيليين الذين يحتفظون بثقافة واحدة، ولكنهم يختلفون داخل أوطانهم عنهم خارجها.
وأما بخصوص أشكال الاستعمار فيرى أن الإمبراطورية البريطانية تركت وراءها ميراثين من القانون والرأسمالية.
أما فرنسا فلم تشجع إلا القليل من الحكم الدستوري أو الأسواق الحرة ولكنها أطلقت حق الاقتراع، إلا أن غالبية دول العالم الثالث التي أعلنت عن نفسها ديموقراطيات بعد الاستقلال، تحوّلت إلى نظم ديكتاتورية في غضون عقد واحد.
في أوروبا سقطت نظم حكم ملكية كثيرة بعد الحرب العالمية الأولى وتوزعت أممها نزعات الفاشستية والديكتاتورية والشيوعية، إلا انه وبعد عام 1945 استقرت الديموقراطية الليبرالية فيها بدعم أميركي مباشر واستطاعت أن تحتوي "الخطر الشيوعي".
وبعد عام 1989 استطاعت أووربا الشرقية الانتقال إلى الديموقراطية وإن تعثر بعضها قليلاً، ويسأل زكريا هنا: أية عوامل تفرز ديموقراطية ليبرالية؟ ويؤكد بأن الموضوع يكمن في نجاح الدولة الاقتصادي وارتفاع نصيب الفرد من الدخل القومي، وكلما ارتفع الدخل - باستثناء الدول الريعية - تصبح الديموقراطية خالدة.
فقد تتغيّر الدول نحو الديموقراطية لأسباب مختلفة كالحروب، والأزمات الاقتصادية، والوفاة، ولكن ما يثبت الديموقراطية هي الثروة المتنامية. ويرى الكاتب الأميركي أن الإصلاح الاقتصادي يلعب دوراً أكيداً وتدرّجياً في الإصلاحات السياسية اللاحقة وهو ما تم في المكسيك وما سيتم لاحقاً في كثير من دول العالم، ولا سيّما الصين.
ويشير زكريا إلى أن في الديموقراطيات الليبرالية الناضجة يمكن عادةً احتواء الانقسامات العرقية من دون اللجوء للعنف أو الإرهاب، غير انه في غياب خلفية من الليبرالية الدستورية، فإن تطبيق الديموقراطية في مجتمعات منقسمة، أثار بالفعل النعرات القومية والنزاع العرقي والحرب ذاتها.
الديموقراطية ضيقة الآفاق:
يتناول زكريا الديموقراطية غير الليبرالية التي يسميّها بـ"الديموقراطية ضيقة الآفاق"، وفيه يفسّر كيف تراجعت حقوق الإنسان في دول نامية عديدة، لأنها طبقت الديموقراطية، سواء بما تمارسه الأغلبية من طغيان أو بصعود شخص أوتوقراطي إلى الحكم عبر الانتخاب. وتلميحاً يعود زكريا إلى العالمَيْن العربي والإسلامي، فيشير إلى أن الديموقراطية ستأتي بالمتطرفين في تلك البلاد التي تنفتح سياسياً قبل أن تبلغ درجة معيّنة من النضج السياسي.
ويحاول زكريا أن ينفي قدرة الديموقراطية على صهر الملل والأعراق داخل بلد واحد، مشيراً إلى أن الديموقراطية كثيراً ما أشعلت النيران بين القوميات والأعراق، الأمر الذي تسبّب في حروب عديدة. ويعطي مثالاً: إندونيسيا فهي لم تكن المرشح المثالي للديموقراطية، فهي تعتمد على الموارد الطبيعية ومحرومة من المؤسسات السياسية الشرعية وكان يحكمها الديكتاتور سوهارتو مع أتباعه، وكان دخل الفرد منخفضاً، ومع تحوّلها "الديموقراطي"، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5 في المائة، وارتفع عدد الفقراء إلى 20 مليون نسمة، ووصل 20 من المائة من البرلمانيين الإسلاميين إلى البرلمان وزاد الفساد والمحسوبيات،لذلك كان الأفضل كما يستنتج الباحث الأميركي إطلاق إصلاح سياسي متدرّج بدلاً من ثورة شاملة.
مثال آخر: الهند الدولة المتعددة الأعراق، والكثيفة العدد، أًصبحت في نواح معيّنة ديموقراطية، ولكنها أقل تسامحاً وأقل علمانية وأقل التزاماً بالقانون وأقل ليبرالية، ولايزال التعصب الديني يشوّه الديموقراطية الهندية، عدا عن الفساد الواسع النطاق وعدم الاكتراث بسيادة القانون.
ثم يستعرض زكريا عملية انتقال روسيا من البيروقراطية السوفياتية إلى الديموقراطية غير الليبرالية، ففي زمن الرئيس بوريس يلتسين اتجه النظام نحو ديموقراطية هشة، وسياسات شبه ديكتاتورية ضد القوى السوفياتية القديمة. فقد حلّ يلتسين المجلس التشريعي وتقدم بدستور جديد عام 1992، وكان يصدر أوامر وقرارات رئاسية من دون المرور بالبرلمان، وكذلك حلّ نظام الحكم المحلي برمّته لأنه عارضه.
روسيا هذه لم تستطع الانتقال إلى ديموقراطية ليبرالية، ولكنها إنتقلت إلى حكم مطلق فردي وخاصة بعد مجيء بوتين، وهو ما تكرّس بانتخاب خليفته ميدفيديف، وبالتالي لم تستطع التطوّر المستمر بقضيتين اثنتين: التنمية الاقتصادية وبناء مؤسسات سياسية، في رأي زكريا.
الصين كدولة شيوعية بدأت بالإصلاح الاقتصادي الذي يتجه بها نحو دولة رأسمالية ولا تزال تؤجل الإصلاح السياسي.
أما في أميركا اللاتينية، فإن الديموقراطية في اثنين وعشرين دولة شهدت مستويات من الإساءة لحقوق الإنسان تتعارض مع تدعيم الديموقراطية الليبرالية، وأفريقيا التي شهدت انتخابات متعددة الأحزاب(42 بلداً) وحققت شيئاً من الحرية، تم في كثير من بلدانها تقويض الدولة وأفرزت تحديات إقليمية وإثنية أمام الحكومة المركزية. وبعض دولها وقعت في الفوضى وعدم الاستقرار واستشراء الفساد والخروج على القانون.
ويعلق الكاتب أن أفريقيا تحتاج إلى التنظيم والإدارة الجيدتين أكثر من الديموقراطية، ويتساءل: هل تفتح الانتخابات نحو المزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والقانونية أم توفّر غطاءً للاستبداد والشعبوية؟
الاستثناء الإسلامي:
يخصص زكريا فصلاً من كتابه للعالم العربي والإسلامي، واختار عنواناً له هو "الاستثناء الإسلامي"، يؤكد فيه أن الأنظمة العربية أنظمة مستبدة، تحكم قبضتها على الشعوب، ويسيطر عليها حكام فاسدون يستبدون وينفردون بالقرار، ولايتورعون في استخدام أبشع الأساليب لقهر معارضيهم والبطش بهم، لكنه يعود ليؤكد أن هذه الأنظمة هي الأنسب لحكم هذه الشعوب، وأنها أكثر ليبرالية من الأنظمة التي ستأتي بها الديموقراطية في حال تطبيقها.
ويروي زكريا حكاية لقاء ديبلوماسي أميركي مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، طالبه الديبلوماسي بتخفيف التشدّد الحكومي ضد المعارضين السياسيين، والسماح بمزيد من الحريات الصحافية، والإقلاع عن سجن المثقفين، فانتفض مبارك قائلاً: "إذا أقدمت على ذلك، فالأصوليون الإسلاميون سيسيطرون على مصر، هل هذا ما تريده؟".
كما يروي زكريا أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قال للرئيس الأميركي جورج بوش عندما طالبه أن يوافق على خطة تسوية كامب ديفيد في تموز/يوليو 2001، أنه إذا فعل ذلك، "فحماس ستكون في الحكم غداً".
كلام زكريا هذا كتاب قبل أكثر من خمس سنوات على "الربيع العربي" وكان فيه استشراف للمستقبل في الدول العربية.
كما ينقل زكريا أن الأمير السعودي بندر بن سلطان كان يحذر المسؤولين الأميركيين دوماً أنهم إذا زادوا الضغط على حكومته، فإن البديل المحتمل لذلك النظام ليس ديموقراطية على النسق الغربي، بل حكومة دينية من طراز حركة طالبان، ويقول زكريا "إن السيء في الأمر هو أنهم على حق.. فالحكام العرب استبداديون فاسدون وقساة، لكنهم ما زالوا أكثر تحرراً وتسامحاً وتعددية من الذين قد يحلّون محلّهم، إذ أن الانتخابات في الكثير من البلدان العربية قد تنتج سياسيين أقرب إلى وجهات نظر أسامة بن لادن من الأفكار التحرّرية لملك الأردن عبدالله الثاني.
فعندما اقترح أمير الكويت بتشجيع من الأميركيين إعطاء النساء حق التصويت، رفض البرلمان الكويتي المنتخب ديموقراطياً والمليء بالأصوليين الإسلاميين هذه المبادرة بشدة".
ففي نظره فإن "المنطقة الغارقة في نظرية المؤامرة لن تأتي الديموقراطية إلا بالإسلاميين الذين يجيدون لعبة الانتخابات، فيما هم يكرهون الديموقراطية في داخلهم ويعتبرونها مؤامرة غربية للسيطرة عليهم، وتلك هي السمة الغالبة لمن يطالبون بالديموقراطية في المنطقة العربية".
عالم الإسلام العريض:
يقول زكريا: "منذ 11 سبتمبر، برز العطل السياسي في العالم العربي فجأة على عتبة الغرب، يمكن لك شخص التساؤل لماذا؟ لماذا هذه المنطقة هي العائق العظيم والمتطرف في ركاب المجتمعات الحديثة؟".
ويرى أن أسامة بن لادن عنده جواب، فمشكلته مع الأنظمة العربية أنها ليست إسلامية بما فيه الكفاية، فقط من خلال العودة إلى الإسلام، يخبر أتباعه، يحقق المسلمون العدالة. فالديموقراطية بالنسبة إلى بن لادن هي اختراع غربي. وبن لادن وأشباهه يريدون إسقاط الأنظمة القائمة في العالم العربي والإسلامي واستبدالها بحكومات قائمة على حكم الشريعة الإسلامية.
يحاول زكريا أن ينفي مسؤولية الإسلام كدين عن غياب الديموقراطية والليبرالية في العالمَيْن العربي والإسلامي، ويقول إن الإسلام لا يعادي الديموقراطية بل إنه يملك خطاً معادياً للاستبداد بسبب عدم وجود أساقفة وكهنة يقفون بين العبد وربه. ولكن الإسلام ككل الأديان الأخرى يمكن قراءته بأكثر من طريقة وهو في النهاية ليس ما تقول عنه الكتب ولكن ما يفعله الناس، ومن دون ثقافة تحرّرية في الدول الإسلامية يمكن أن تستخدم آليات الديموقراطية للعمل ضد الحرية كما جرى في الكويت عندما عارض النواب الإسلاميون بشدة منح المرأة الكويتية حق التصويت.
فالمشكلة الحقيقية – في رأي زكريا - ليست في العالم الإسلامي، لكن في الشرق الأوسط حيث تتمثل الديكتاتوريات في أشكال مختلفة وتبدو الديموقراطية الليبرالية بعيدة المنال، ويبدو إغراء الأصولية الإسلامية قويا، فمن أصل 1.2 مليار مسلم، يعيش 260 مليون مسلم في بلاد العرب، ويذكر أمثلة على الاستبداد العربي فمن أصل 22 دولة عربية، لاتوجد بينهم ديموقراطية انتخابية واحدة، على عكس 63% من بلدان العالم.
ويشير إلى كيف كانت الجماهير العربية ترحب بجمال عبدالناصر والقذافي، ويستخلص من هذا الاستثناء أن المسار العربي الديكتاتوري هو الذي ولّد الإرهاب والحركات المتأسلمة، نتيجة الشلل الاقتصادي والركود الاجتماعي والإفلاس الفكري.
ويخلص زكريا إلى أن حل مشكلات العالم العربي والإسلامي ليس في الإصلاح الديني، وإنما في الإصلاح الاقتصادي والتحوّل نحو الليبرالية، وليس نحو الديموقراطية، ومع أن مشكلات منطقة الشرق الأوسط ليست اقتصادية، فإن بداية حلها قد يكون من الاقتصاد، فبمقارنة أوضاع الدول العربية الحالية بأوضاعها قبل 40 سنة مضت، يخرج زكريا بأن مساحة الحرية قلّت، والفشل الاقتصادي ازداد، وزاد التعداد السكاني بشكل ولّد فكراً احتجاجياً لدى الشباب، دفعهم إلى الأصولية التي ربطتهم بماضيهم، ولهذا السبب يرى أن على الولايات المتحدة أن تكون حريصة على مصر والسعودية، وألا تسمح لهما بالمخاطرة وتجربة صعود المتطرفين إلى السلطة فيهما، فعلى الرغم من أن النتيجة ستكون حتماً لصالح الحرية، لكنه يكون من العبث أن نترك الآخرين يسقطون في الهاوية وننتظر فرارهم منها بعد ذلك.
انحدار الديموقراطية الأميركية:
يتناول زكريا التجربة الأميركية التي يرى أنها تسير في طريق مظلم بجنوحها صوب إرضاء الأغلبية السطحية وإهمالها حقوق الأقليات، وهي بهذا الشكل ستفقد القدرة على إحداث التوازن بين الديموقراطية والحرية، بعد أن أصبح البيت الأبيض خاضعاً لاعتبارات قصيرة المدى كالانتخابات والاستطلاعات، الأمر الذي سيكون له أثر سيئ على كل النواحي.
فقد شهدت الولايات المتحدة بعد ثمانينيات القرن الماضي استقراراً وارتفاعاً في الدخل وتعزز موقعها العالمي، خاصة بعد انهيار الاشتراكية المتحققة، إلا أن الأميركيين بدورهم، فقدوا ثقتهم بديموقراطيتهم، وأصبحوا أقل حرية في بلادهم. فقد كانت مستويات التصويت بنحو 20 في المائة عام 1960.
وأما العضوية في حزب ما أو مدرسة ما، فقد انهارت بصورة كبيرة وشهد الانخراط في الشؤون العامة والمدنية بصفة عامة تراجعاً قدره 40 في المائة منذ منتصف الستينات.
ماالذي جعل النظام الأميركي ينحدر؟ يجيب زكريا أنه إضفاء الطابع الديموقراطي على السياسة وأن أحداً لايستمع للفقراء أو للفئات الوسطى وأن الجماعات المنظمة للمصالح الخاصة(اللوبيات) هي التي تدير واشنطن، ويشير إلى أن الأحزاب الأميركية تختار مرشحيها وبرامجها السياسية بعيداً عن الجماهير وأن النواب والشيوخ يلتقون في لجان من أجل المتاجرة والمقايضة والمساومة في القضايا، ولا يعتبر جيمي ماديسون واضع الدستور الأميركي أن أميركا ديموقراطية والأفضل تسميتها بالجمهورية، لأن نواب الأمة هم الذين يقرّرون وليس الأمة، والأحزاب السياسية في الساحة الأميركية لم يعد لها وجود أكثر من وسيلة لجمع التبرعات من أجل مرشح في دائرة ما، ففي النظام السياسي الأميركي نشهد فقط زيادة في عدد أبناء الأسر السياسية الحاكمة والمسؤولين الذائعي الصيت والسياسيين من أصحاب المليارات.
ويشرح زكريا دور جماعات المصالح، باعتبارها المتحكمة بالتعبير عن أهدافها ورؤاها، وباعتبار السياسيين يخافون على مصالحهم، وخشية إبعادهم عن السلطة، فإنهم يعملون دون هوادة على كسب رضا جماعات الضغط "اللوبي والمصالح" وبالتالي جلب الناخبين إلى صناديق الاقتراع لانتخابهم. وتنتشر في السياسة الأميركية طبقة آخذة في الاتساع، هي الاستشاريون المحترفون وجماعات الضغط ومنظمي الاستطلاع والرأي والنشاطات، وهم الذين يسيطرون على السياسة العامة.
ويطرح السؤال التالي: من يتولى الرقابة على الاستشاريين وجماعات الضغط؟
الجواب: لا أحد.
وبالتالي المسؤولون عن السياسة في أميركا يديرون شؤونهم بشكل مستتر وعبر جماعات غير خاضعةٍ للمساءلة وغير مباليةٍ بالمصلحة العامة الكبرى.
ويوضح أن الولايات المتحدة تقع في تناقض خطير، فهي المدافع عن الديموقراطية غير المقيّدة في الخارج، ولكن النظام الأميركي يميّزه عدم ديموقراطيته فهو يضع قيوداً متعددة على الأغلبيات الانتخابية، وهناك ميثاق الحقوق الذي لايجوز للحكومة المسّ به، وأن أشخاص المحكمة العليا التسعة يرأسونها مدى الحياة وهي هيئة غير منتخبة. ويعتبر مجلس الشيوخ الأميركي أبعد المجالس عن التمثيل النيابي في العالم، ولكل ولاية عضوان من الشيوخ وبغض النظر عن حجم الولاية.
خلاصة:
حاول زكريا في كتابه هذا إظهار مدى الضرر أو الأضرار التي قد تسبّبها الديموقراطية ذات الأفق الضيّق سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، ليس على بلد بمفرده، وإنما على البشرية جمعاء.
ويخلص إلى أن الديموقراطية هي نظام منفتح وسهل الوصول إليه من الناحية النظرية، ولكنه خاضع في واقع الأمر لسيطرة أقليات منظمة أو متعصبة تحمي نفسها بنفسها من أجل الحاضر وتضحي بالمستقبل، وقد تؤدي أيضاً إلى العجز والفوضى، ولذلك هو يؤكد على الليبرالية الدستورية وديموقراطية التفويض وليس الديموقراطية المباشرة، أي أن يتحمل مسؤولون محددون نتائج القرارات التي تتخذ.
وبرغم أهمية أطروحة زكريا وتوصيفه لمشكلات الديموقراطية وعيوبها في العالم أجمع، وقصورها عن حل مشكلات العالم العربي والإسلامي، بسبب عدم اقترانها بالليبرالية، في رأيه، فإننا نسجّل استنتاجاتنا التالية:
1- على الرغم من عيوب الديموقراطية، فإنها أفضل من الاستبداد بجميع أنواعه شرط ألا تستخدم الديموقراطية للوصول إلى السلطة والاستبداد بها.
2- الإسلام لايتعارض مع الديموقراطية كآلية حكم لانتخاب الحكام، ولكنه يتعارض مع بعض مبادئ الليبرالية الاقتصادية والسياسية والفكرية.
3- ينطلق زكريا من التحذير من نشر وفرض الديموقراطية في العالم العربي والإسلامي من خشيته من وصول الإسلاميين المعادين لأميركا والغرب إلى السلطة، على غرار فوز حركة حماس في انتخابات 2005، بمعنى أن الديموقراطية سيئة عندما تأتي بحكام معادين للغرب، والعكس صحيح.
4- نستفيد من مقاربة زكريا لمسألة الديموقراطية والحرية لإسقاطها على واقعنا العربي والإسلامي اليوم، بعد ثورات "الربيع العربي"، حيث برغم وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر وتونس من خلال الانتخابات، جوهر الديموقراطية، إلا أن ثمة مخاوف لفئات كبيرة من الشعب على الحريات وحقوق الإنسان وتداول السلطة، ولعل ما نشهده في مصر اليوم من انقسام دليل على أن اعتماد الديموقراطية وحدها لايكفي لحل المشكلات، وإنما يجب احترام الحريات والحقوق الفكرية والدينية والسياسية والاقتصادية والتعددية السياسية والدينية والتنوّع الفكري.
5- ظهر من خلال عدد من التجارب العالمية، أن التدرّج في الإصلاح السياسي والاقتصادي قد يكون أفضل من التغيير الشامل والفجائي وخصوصاً الذي يأتي عبر إنقلابات وثورات وحروب أهلية، على غرار تجربة إندونيسيا وبعض الدول الإفريقية، كما يشير زكريا.
Comments
Post a Comment