المسيحية العربية وتطوراتها من نشأتها حتى القرن الرابع الهجري


أطروحة: سلوى بالحاج صالح
عرض وتحليل: محمد الخزعلي - مجلة التسامح


في الصورة: كنيسة القيامة في القدس المحتلة في فلسطين.

أصل الكتاب رسالة دكتوراه قدمت إلى الجامعة التونسية بإشراف المفكر التونسي هشام جعيّط. يقع الكتاب في ثلاثة أقسام رئيسة، وَكُلُّ قسم يتشكل بدوره من مجموعة من الفصول. يدرس القسم الأول المسيحية عند العرب في الشام والعراق والجزيرة العربية قبل الإسلام. ويدرس القسم الثاني المسيحية العربية في فترة الخلافة الراشدة. أما القسم الثالث فيدرس أحوال المسيحية العربية في دار الإسلام المشرقية في العصرين الأموي والعباسي الأول؛ حيث يتناول المجال المسيحي العربي في دار الإسلام وعلاقته بالكنيسة في تلك الحقبة، وموقع الدولة والمجتمع والفقه الإٍسلامي من المسيحيين العرب ودورهم في الدولة والمجتمع، واختص الفصل الأخير من هذا القسم لمعالجة زوال المسيحية العربية في القرن الرابع الهجري.
والإشكالية التي يدرسها الكتاب، كما تبينها المؤلفة، تتمثل في دراسة "ماهية المسيحية العربية وهويتها في التاريخ باعتبار أن المقصود بالعرب هنا العرب من ذوي الأصل الخالص وليس المستعربين"(ص7). وعلى هذا، يكون عرب الشام والعراق، المقصودون هنا، هم القبائل العربية التي هاجرت إلى هذه البلاد من الجزيرة العربية (من الجزء الجنوبي بشكل خاص) والتي عادة ما تقترن هجراتها بانهيار سد مأرب في اليمن، مثل قبيلة تنوخ التي هاجر بعض منها إلى الشام وبعض آخر منها إلى العراق، وهي من القبائل الأولى التي تنصرت، وخاصة في الشام. ومن هنا فإن المؤلفة ترى أن "العرب دخلاء على بلاد الشام... وفي الوقت نفسه فإن المسيحية ديانة دخيلة عليهم"(ص15)، حيث أنها كما يبدو تربط الوجود العربي في هذه الديار بهذه الهجرات من الجزيرة العربية إلى كل من الشام والعراق، وهو أمر لا يقرها عليه بعض الباحثين الجادين في هذا الميدان(1). إن جون سبنسر ترمنغهام يرى أن العرب سكنوا سورية وفلسطين ووادي الرافدين وبابل وأجزاء من غرب إيران قبل الهجرات العربية من القرن الرابع الميلادي. ويؤكد المؤرخ الروماني بلينيوس(2) أن بلاد العرب في أواخر القرن الأول الميلادي كان تمتد حتى جبال أمانوس في الشمال، أي لواء الإسكندرونة الآن. ويؤكد المؤرخ اليهودي يوسيفوي فلافيوس أن العرب الأنباط كانوا يسكنون في منطقة واسعة تمتد من نهر الفرات مروراً ببلاد الشام حتى البحر الأحمر. أما لبنان وحوران وشمال فلسطين فكانت تحكمها قبال اليطوريين الغربين التي عاش المسيح عليه السلام بين ظهرانيها في الناصرة. ويرى ترمنغهام(3) أن اليطوريين الغربية العرب هم أول من آمن بدعوة السيد المسيح حيث رأت في دعوته الجديدة نقيضا لعقيدة اليهود الذين كانوا في ذلك الحين قد تحالفوا مع الرومان، وقد قاوم هذا الحلف دعوة السيد المسيح التي بدت على أنها دعوة عربية تناقض ذلك التحالف المذكور.
وعلى هذا تكون المسيحية قد انتشرت بين العرب منذ أيامها الأولى وما أن انقضى القرنان الأول والثاني حتى كانت المسيحية تنتشر بين العرب وخاصة في المنطقة العربية التي أصبحت بصرى الشام عاصمتها بعد إخضاع الرومان للأنباط عام 106 ميلادي. ولعل اكتشاف كنيسة في منطقة(4) رحاب بني حسن في شمال الأردن الحالية لدليل ساطع على انتشار المسيحية بين العرب في مرحلة مبكرة حيث يعود بناؤها إلى القرن الثاني الميلادي، ولعل وجودها في هذه المنطقة الريفية البدوية لدلالة أخرى على انتشار المسيحية بين القبائل العربية في مناطق شتى وليس في المراكز الحضرية فقط.
تؤكد المؤلفة أن الهجرات العربية إلى بلاد الشام والعراق لم تقع كلها في وقت واحد، حيث بدأت الهجرات إلى الشام منذ القرون الميلادية لأولى وتوصلت إلى عهد قريب من ظهور الإسلام. لكن معظم هذه الهجرات، كما ترى المؤلفة، وقعت بين القرنين الميلاديين الثالث والرابع، مثل هجرات قبائل سليح وتنوخ وغسان وطيء، حيث نزلت بعض بطون هذه القبائل وليس كلها، في الشام، وخاصة في بادية الشام، وهو الإقليم الذي كان يسمى بإقليم العربية الذي شمل أجزاء من جنوب فلسطين مع أجزاء كبيرة من الأراضي الواقع شرقي نهر الأردن، ولكن بعض القبائل، ترى المؤلفة، دخلت إلى سوريا وعاشت حياة نصف حضرية مثل قبائل سليح وتنوخ وبعض بطون طيء.


يتخذ الكتاب من القرن الرابع الميلادي منطلقاً لدراسة المسيحية العربية، حيث شهد هذا القرن البداية المؤكدة لانتشار المسيحية بين العرب وبذلك لا يولي الكتاب أهمية للمعلومات الواردة في الآثار النصرانية القديمة كالأناجيل وأعمال الرسل؛ لأنه يراها غامضة ولا يعتمد عليها في تحديد بداية تنصر العرب. وعليه فإن المسيحية لم تستقر في مختلف بلاد الشام إلا في بداية القرن الرابع الميلادي. وهذا أمر يخالف ما ذهب إليه العديد من الدارسين كما أشرنا سابقاً. لقد قسمت المؤلفة حقبة تطور المسيحية العربية قبل ظهور الإسلام إلى مرحلتين؛ الأولى: المسيحية العربية في القرنين الرابع والخامس الميلاديين، والثانية: شهدت ظهور المسيحية العربية اليعقوبية والملكانية وتطورها في القرن السادس حتى ظهور الإسلام. فيما يتعلق بالمرحلة الأولى، ترى المؤلفة أنه كان للرهبان والنساك والمتزهدين الدور الأكبر في اعتناق قسم من عرب الشام للمسيحية، أما الكنيسة فكان لها الدور الأكبر في تنصر عرب منطقة بعلبك. وفي هذه الحقبة تأسست عدة اسقفيات عربية لكنها بقيت مشتتة ومنعزلة عن بعضها بعضا. وكان المذهب الأرثوذكسي هو الذي طبع المسيحية في الشام في تلك الحقبة. أما المرحلة الثانية فكانت كما سلف، مرحلة انتشار المسيحية اليعقوبية (مذهب الطبيعة الواحدة) في القرن السادس الميلادي حيث انتشرت بين قبائل سليح وتنوخ وغسان بشكل خاص، بعد لقاء الحارث بن جبلة الملك الغساني بالراهب يعقوب البرادعي الذي قدم من جبل سيناء إلى بني غسان، والذي عين فيما بعد أسقفا للرها وخولت إليه السلطة على سوريا، في حين سمي الأسقف اليعقوبي ثيودوري أسقفا لبصرى مع سلطة قضائية على المقاطعة العربية وبادية الشام وفلسطين عدا القدس، بينما كان مقره في مخيم ملك الغساسنة؛ أي أنه كان أسقفا متنقلاً، ولذلك سمي بأسقف العرب. وهكذا تأسست عام 543م أسقفية يعقوبية سميت "أسقفية غسان"، لكن هذا لا يعني عدم دخول قبائل عربية أخرى في المسيحية اليعقوبية. أما انتشار المذهب الملكاني بين عرب الشام، فقد ارتبط بتفكك مملكة غسان. وكان البطريرك غريغوريوس الأول بطريرك إنطاكيا الملكاني ناشطا في هذا المجال؛ حيث قام بحملة تنصير كبيرة بين عرب الصحراء في الشام ونجح في تحويل قبائل عربية يعقوبية إلى المذهب الملكاني. لقد كانت الملكانية المذهب الرسمي للدولة البيزنطية، ولذلك لا نبعد عن الصواب إذا قلنا إن اعتناق الغساسنة والعديد من قبائل عرب الشام للمذهب اليعقوبي وتمسكهم به يعد ضرباً من الشعور بالاستقلالية أو تعبيرا عن نزعة انفصالية عن الحكومة المركزية، وخاصة أن لغة الملكانيين الصقوسية كانت اليونانية في حين كانت لغة اليعاقبة هي السريانية. وهكذا يمكننا القول إنه عند قدوم الإسلام إلى بلاد الشام كانت المسيحية غالبة على عرب الشام، وإن أقدم القبائل العربية الشامية تنصرا هي سليح وتنوخ (القرنان الرابع والخامس) أما قبائل غسان وكلب وبنو عذرة وجذام وبراء وإياد، فكان تنصرها متأخراً (القرن السادس).
تسير المؤلفة في دراستها لانتشار المسيحية في العراق قبل الإسلام على نفس المسار السابق؛ فتؤكد أن الاستيطان العربي في العراق، في شكله القبلي، قد بدأ مع بداية القرن الثالث الميلادي. وقد استمر هذا الاستيطان حتى ظهور الإسلام. وقد امتد الاستيطان القبلي العربي على ضفتي الفرات من أقصى جنوب العراق إلى شمال الجزيرة الفراتية. لقد نزل بعض العرب في مدن العراق وقراه مثل الحيرة وعين التمر والأنبار وعانة وصولاً إلى نصيبين، وعايشوا سكانها حياتهم المدنية، في حين ظل أغلب قبائل العراق العربية محافظا على حياة البداوة في أجلى مظاهرها الاجتماعية والاقتصادية. وترى المؤلفة أن أقدم الشواهد الثابتة على تنصر العرب في العراق تعود إلى القرن الرابع الميلادي، وكان ذلك بوساطة الأساقفة والرهبان. وما أن أتى القرن الخامس حتى أصبح المذهب النسطوري (نسبة إلى نسطور بطريرك القسطنطينية، ت 450م) المذهب الغالب في المشرق (العراق وما وراءه) وانتشرت النسطورية (القول بالطبيعتين في المسيح) بعد طرد نسطور سنة 435م، على أيدي عدد من أساقفة سوريا حيث اتخذت من الرها مركزاًَ لها، ومن هناك انتشرت في الدولة الفارسية. ولا عجب أن تحتضن دولة الفرس هذا المذهب المناوئ لمذهب خصمهم الدولة البيزنطية التي كانت تتخذ من المذهب الملكاني مذهبا رسميا لها كما سلف ذكره.
أما في العراق فقد أصبحت الحيرة والأنبار من أهم مراكز المسيحية النسطورية في العراق. لقد انتشرت المسيحية في الحيرة في أواخر القرن الرابع الميلادي، ثم أصبحت الحيرة منذ مطلع القرن الخامس أسقفية تابعة لكرسي جاثليق المدائن. وكانت المسيحية المؤثرة في العرب في بداية الأمر هي المسيحية الأرثوذكسية قبل بروز دور النساطرة واليعاقبة في تنصير سكان العراق، لكن بعد انتصاف القرن الخامس دخلت المسيحية النسطورية بين سكان العراق، ودخلت قبائل عربية عديدة من سكان الحيرة في المسيحية النسطورية، وعرف هؤلاء باسم العباد، ومن أشهرهم الشاعر عدي بن زيد العبادي. وقد تسامح الملك المنذر الثالث مع انتشار المسيحية في الحيرة بين أتباعه، وظهر التنافس بين المذهبين الأرثوذكسي والنسطوري، ولكن مع نهاية القرن الخامس كان الحضور النسطوري هو الغالب في الحيرة، حيث ساهم ملك الحيرة النعمان بن المنذر، أبو قابوس 585-613م في تركيز المذهب النسطوري في حضارة ملكه بعد تنصره. وقد ساهم سراة الحيرة في نشر المسيحية، حيث ساعدوا على بناء الأديرة والكنائس التي كانت تعج بها الحيرة وما حولها عند قدوم الإسلام إليها. ورغم غلبة المذهب النسطوري إلا أنه كان ثمة حضور للمذهبين الأرثوذكسي واليعقوبي بين نصارى الحيرة. أما الأنبار فقد اصبحت أيضا، كما سلف من مراكز النسطورية الشهيرة في العراق فقد كان لها منذ عام 486م أسقف نسطوري يدعى موسى، ثم تواصل تعيين الأساقفة النساطرة عليها إلى حدود عام 605م. وكان من أهم القبائل العربية المتنصرة في الأنبار تنوخ والنمر بن قاسط.
لقد جاء انتشار المسيحية اليعقوبية في العراق متأخراً (منتصف القرن السادس)، وكان ذلك الانتشار على يدي الرهبان بشكل خاص. وكان الحضور اليعقوبي كثيفاً بين القبائل العربية في الجزيرة الفراتية مثل: تغالبة الشمال وتغالبة عانة والبكريين وبني عجل وتنوخ والعاقوليين. ويبدو من هذا أن الطابع البدوي ظل غالباً على العرب اليعاقبة، ولذلك ظهرت اسقفيات القبائل وأسقفية التغالبة، إلى جانب أسقفيات الحيرة والأنبار وعين التمر.
وقد تحدثت المؤلفة عن انتشار المسيحية في الجزيرة العربية من خلال تقسيمها إلى أربع مناطق هي: الجنوب أو اليمن، والأطراف الشرقية للجزيرة العربية، ووسط الجزيرة العربية أي نجد واليمامة، ثم الحجاز. حيث تؤكد أن المسيحية دخلت اليمن بصورة ثابتة منذ القرن الرابع واستمرت بالانتشار على مراحل عديدة خلال القرنين الخامس والسادس. ودخلت المسيحية اليمن عبر خطوط تبشير مختلفة؛ فبعضها انطلق من سوريا وبعضها من مصر وبعضها من العراق والحبشة، في حين جاء بعضها عن طريق الصحراء العربية أو البحر الأحمر. ولعل هذا راجع لارتباط التبشير المسيحي في اليمن بالعلاقات التجارية والسياسية مع كل من بلاد الشام والعراق والحبشة. ومن هنا، أيضا، تعددت أصول المسيحية في اليمن بين أصول يونانية وأخرى سريانية. وقد واجهت المسيحيين في اليمن وحضرموت مضايقات وانتكاسات على أيدي اليهود الموجودين هناك، لكن المسيحية وجدت العون من الأحباش مما أدى إلى تجددها ثانية.


في الصورة: كنيسة المهد في بيت لحم في فلسطين المحتلة.

ولعل قصة أصحاب الأخدود من المسيحيين وحرقهم التي وردت في القرآن الكريم أنصع دليل على ذلك. ولكن عند ظهور الإسلام كانت المسيحية في اليمن منكمشة في نجران وصنعاء وعدن حيث كانت العلاقات بين مسيحيي اليمن وكنائس مصر والشام والحبشة قد تعطلت ودخلت مرحلة الجمود.
وكان الحضور المسيحي في الأطراف الشرقيه للجزيرة العربية امتدادا لفضاء الكنيسة النسطورية. لقد بشر الراهب النسطوري عبد يشوع بالمسيحية في البحرين في أواخر القرن الرابع، وكان هذا الراهب من ميسان في جنوب العراق، مما يعني أن المسيحية انتشرت في هذه المناطق منذ القرن الخامس الميلادي. وساد هنا المذهب النسطوري وغابت المذاهب الأخرى. ووجدت في المنطقة الشرقية أسقفيات في البحرين وعمان لكنها ظلت تابعة للكنيسة الأم في العراق ولم تشكل كنيسة عربية إقليمية. ورغم انتشار المسيحية في هذه المناطق ظل العديد من القبائل على دين آبائها وأجدادها. وقد اعتنق بعض بطون القبائل المسيحية بينما ظل بعضها الآخر بعيدا عن ذلك كما هو الحال مع بني عبد القيس وربيعة وتغلب وبكر مثلاً.
أما وسط الجزيرة العربية فقد دخلته المسيحية قبل القرن السادس، كما تدل على ذلك الأبنية التي بناها النصارى هناك. وقد كان لبني المرار الكنديين سيطرة على مناطق وسط الجزيرة العربية أي نجد واليمامة. وقد ساهم هؤلاء الكنديون في نشر المسيحية بعد اعتناقهم لها. ولعل نقش دير هند الكبرى الذي بنته هند بنت الحارث الكندية أم عمرو بن هند أكبر دليل على انتشار المسيحية بين عرب كندة، حيث كانت تفخر بكونها "أمة المسيح وأم عبده". وقد تنصرت كذلك بطون من قبائل طيء وغطفان وحنيفة وغيرهم. وكانت المسيحية قد دخلت اليمامة من الشمال عبر نجد ولكن لم يقم أي تنظيم كنسي بين عرب نجد واليمامة.
لم تتوسع المؤلفة في حديثها عن انتشار المسيحية في الحجاز، لكنها تقرر أن التبشير المسيحي في الحجاز كان غائباً. وأن المسيحيين هناك كانوا من الأجانب، أما مسيحيو أهل البلاد فكانوا حالات نادرة، إِلاَّ أَنَّهَا تقر بوجود بعض المسيحيين من بني كلب في تبوك. وكانت إشارات القرآن الكريم إلى النصارى، برأي المؤلفة، إشارات عامة تتحدث عن طبيعة المسيح و المسيحية لا عن نصارى يثرب بالذات. ومما يدل على الحضور الضعيف للنصارى في الحجاز أن أهل السير لم يشيروا إلى مقاومة نصارى يثرب للرسول الكريم كما فعل اليهود مثلاً. ورغم وجود الرهبان والأديرة في وادي القرى وعلى طول الطرق المؤدية إلى الشام ظل الحجاز خالياً من أي حضور لنظام ديني مسيحي ولأسقفيات. وهكذا رغم الحضور المسيحي واليهودي في الجزيرة العربية، ظلت الوثنية هي المعتقد الغالب على السكان هناك.
ويبدو أن حديث المؤلفة عن انتشار المسيحية في الحجاز لا يختلف عن حديث ترمنغهام(5) عن ذات الموضوع.
يبدأ القسم الثاني من الكتاب: بالحديث عن موقف القرآن من العقيدة المسيحية، وهو ما يمكن إيجازه بأن القرآن قد حكم على المسيحية حكماً قطعياً بأنها تحريف وتزوير لرسالة عيسى -عليه السلام-، ولكتاب الله والإنجيل، وذلك لأن المسيحية أشركت عندما روج أتباعها عقيدة التثليث والتجسد وصلب عيسى. وقد ميز القرآن بين المسيح والمسيحيين؛ حيث نزهه عن أفعالهم وتحريفاتهم وتزويرهم لرسالته السماوية. وقد عد القرآن رسالة عيسى رسالة توحيد تتدرج في سلسلة الأنبياء بدءا بإبراهيم الخليل مرورا بموسى -عليهما السلام-، وانتهاء بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، الذي أتى مكملاً لهؤلاء الرسل الذين أتوا جميعاً برسالة الإسلام. من هنا كان القرآن هو المعيار لمدى صحة أو خطأ ما يدعيه النصارى حول المسيح عيسى وأمه مريم، وإن ما يخالف ما جاء في القرآن عنهما ليس إلا تحريفا وتزويرا، ومن هنا كانت المسيحية عقيدة باطلة حسب حكم القرآن عليها.
وفوق هذا، فقد عد القرآن أن من يصدق رسالة محمد التي بشر بها عيسى والإنجيل هم أتباع عيسى الحقيقيون، وبذلك لا مفر من أن يؤمنوا بالإسلام دينا. ومع ذلك فقد وقف القرآن من المسيحيين موقفا مرنا وإيجابيا مقارنة بموقفه من اليهود. ولكن من يدقق في ردود القرآن على المسيحية يلاحظ أنه لم يتبع في ذلك منهجا معينا، ولم يفند كل عقائدها كما جاءت في المجامع الكنسية السابقة على الإسلام، إِنَّمَا يبدو أن تلك الردود كانت على ما شاع عن عقائد بين المسيحيين في الجزيرة العربية وأطرافها وهي عقائد لها بعض الخصوصية. ولأن القرآن عد المسيحيين أهل كتاب فقد حدد التعامل معهم، في حال تمسكهم بعقيدتهم، بأن يدفعوا الجزية تمييزا لهم عن الوثنيين الذين لم يكن أمامهم إلا الإسلام أو السيف.
وأخيراً، يمكن القول بأن خطاب القرآن عن المسيحية تطور من الدعوة للإسلام عن طريق الْـحُجَّة والترغيب والترهيب، إلى التحذير والتهديد ثم إلى القتال، في نهاية المطاف، إذا رفضوا أداء الجزية.


ولكن كيف عامل الرسول محمد -عليه السلام- المسيحيين العرب؟ اتجه الرسول للتعامل مع المسيحيين بعد فراغه من قريش واليهود، وكانت فترة توجهه إلى المسيحيين قصيرة لم تتعد خمس سنوات. وقد دخل الإسلام في هذه الفترة القصيرة عدد قليل من مسيحيي دومة الجندل وكلب ونفر قليل من غسان وبراء وبعض التغالبة. وهكذا ظل أغلب المسيحيين في أطراف الشام الجنوبية على دينهم عند وفاة الرسول -عليه السلام-. وينسحب هذا على مسيحيي الجنوب؛ حيث ظل مسيحيو نجران على دينهم، وكذلك كان الأمر مع أقسام من بني ناجية وكندة وحمير. وليس ثمة ذكر لأي اتصال مع مسيحيي العراق في الفترة النبوية. وقد اعتمد الرسول في دعوة المسيحيين للإسلام أسلوبين؛ حيث حمل على بعضهم عسكرياً (دومة الجندل وأطراف الشام)، وبعث رسله وكتبه ومن يحاور أو يجادل مسيحيي نجران. وقد تراوحت مواقف المسيحيين العرب بين المقاومة في البداية، ثم الخضوع (كلب ودومة الجندل) وبين التحالف مع الروم ضد المسلمين (جنوب بلاد الشام) أو الاستجابة السريعة للدخول في الدين الجديد (عبد القيس، سادة حمير، ناجية).
ومع ذلك لا يمكن الحديث عن مواجهة كبرى بين الإسلام والمسيحية كما حدث مع قريش واليهود، وفوق هذا، ليس ثمة مصدر يذكر أن المسيحيين قد بادروا بالهجوم على أي موقع من مواقع المسلمين، ولم تقع تلك الحملة التي أعد لها الروم لمهاجمة المسلمين وكان سيشارك فيها مسيحيون عرب من جنوب بلاد الشام، قبل غزوة تبوك. ويبدو أن أسلمة المسيحيين العرب أو عدمها ارتبطت بأسباب مختلفة؛ فقد أسلم بعضهم حفاظا على مصالحه (سادة حمير)، أو لعدم تعمق المسيحية في النفوس حيث كان دخولهم في المسيحية حديثا عندما أتى الإسلام (كلب، دومة الجندل، عبد القيس في البحرين). أما من تعمقت المسيحية في نفوسهم (نجران) فقد بقوا على دينهم، رغم كل محاولات الرسول لاستمالتهم إلى الدين الجديد.
أما عن حال المسيحية العربية في عهد الخلفاء الراشدين فيمكن القول إنه بعد الاتصالات الأولية بين المسلمين وبعض المسيحيين في عهد النبوة شهدت فترة الخلافة الراشدة بداية زوال المسيحية بين العرب في الجزيرة العربية وتقلصها وتلاشيها في الشام والعراق. فقد تم الانتصار على مسيحيي الأطراف الشمالية للجزيرة العربية الذين تمردوا (دومة الجندل)، ثم الاستحواذ على الحيرة رغم بقائها مركزاً للمسيحية العربية حتى ذلك الحين. لكن خلافة عمر شهدت تحولات عديدة؛ مثل إجلاء مسيحيي نجران وتوطينهم في جنوب العراق، وارتحال جماعات المسيحيين العرب (إياد وغسان) من الشام والعراق إلى بلاد الروم، في حين تحول قسم هام من مسيحيي الشام والعراق إلى الإسلام. وقد شهدت خلافة عثمان زوال المسيحية من عمان. ويمثل قضاء علي بن أبي طالب على تمرد مسيحيي بني ناجية قرب ساحل فارس، وإرجاعهم إلى الإسلام المرحلة الختامية من تاريخ المسيحية في عهد الخلفاء الراشدين. وهكذا لم تتمكن المسيحية العربية من مقاومة الإسلام أو الصمود أمام زحفه عليها، كما كان الحال مع المسيحية السريانية والمسيحية اليونانية، خاصة في الشام والعراق.

أما القسم الثالث والأخير من الكتاب: فيعالج -كما سلف- أحوال المسيحية العربية في المشرق في العصرين الأموي والعباسي الأول. وتبين المؤلفة هنا أن الأمويين سلكوا مع المسيحيين العرب سياسة اتسمت باللين والتسامح، ولعل علاقة الشاعر الأموي المسيحي الأخطل مع الخليفة عبد الملك خير شاهد على ذلك. وقد اختلط الشعور الديني بالشعور القبلي عند بعض المسيحيين العرب في هذه الحقبة، وهذا ما نجده مثلاً عند قبيلة تغلب. وفي هذه الحقبة ازدهرت الكنيستان اليعقوبية والنسطورية، واتسعت مساحة التعايش بينهما. وهكذا كان للتغالبة أبرشيتان في العهد الأموي ولم تختف هاتان الأبرشيتان إلا في الربع الثاني من القرن العاشر الميلادي. وقد توحدت أبرشية التغالبة الجنوبية مع أبرشية نجران في مطلع القرن العاشر الميلادي. ولكن من الملاحظ أن كل أساقفة التغالبة كانوا من غير العرب؛ فقد تم تعيين خمسة أساقفة في عهد البطريق ديونسوس الأول(818-845م)، ولعل هذا يشير إلى عدم استقرار وضع الأساقفة بين عرب تغلب خاصة منذ القرن التاسع الميلادي.
وقد كان في منطقة نجران الكوفة أبرشية يتبع لها مجموعتان من المسيحيين العرب؛ الأولى مجموعة نصارى نجران خارج الكوفة، ومجموعة أخرى صغيرة تقيم داخل المدينة. وقد تقلص عدد نصارى نجران في العهد الأموي إلى حد كبير حيث لم يتجاوز عددهم في مطلع القرن الثامن أربعة آلاف نسمة. وقد تعددت المذاهب داخل طائفة نجران؛ فظهرت أبرشية للنجرانيين اليعاقبة في القرن التاسع لكنها لم تكن مستقلة وسرعان ما زالت بانقضاء القرن العاشر الميلادي. وظلت المسيحية اليعقوبية منتشرة بين التغالبة والتنوخيين وسليح والنجرانيين من بني الحارث بن كعب وطيء وكلب في كل من العراق والشام والجزيرة الفراتية. وقد أدى انتشار الإسلام إلى انتهاء النشاط التبشيري بين العرب مما جعل استمرار المسيحية بين هذه القبائل يعتمد على التوالد فقط لا على التبشير.
وفي هذه الفترة ظلت الحيرة والأنبار مركزين مهمين للمسيحية النسطورية التي استمرت منتشرة بين أهل الحيرة والأنبار لفترة طويلة نسبياً بعد الإسلام، وقد استمر تعيين أساقفة على أهل الحيرة والأنبار حتى أواخر القرن العاشر. ويمكن القول إن أسماء هؤلاء الأساقفة تدل على أنهم كانوا من غير العرب. ويمكن القول أيضا إن المجال العربي اليعقوبي كان أوسع من المجال العربي النسطوري في العهد الإسلامي، غير أن المسيحية العربية النسطورية عمرت لمدة أطول من المسيحية العربية اليعقوبية. وقد تميز العرب النساطرة وخاصة العباد، بدور فعال في نشاط كنيستهم، بعكس اليعاقبة العرب الذين لا نجد ذكراً لنشاط لهم في كنيستهم. وقد أصبح المسيحيون العرب، ولأسباب كثيرة، أقلية صغيرة، في هذا العهد، وسط محيط مسلم كبير، فكيف كانت العلاقة بين هذه الأقلية وتلك الأغلبية من حيث التعامل الضريبي والديني والمناكحة؟ وما موقف الفقه السني من المسيحية العربية؟ وما مساهمة المسيحية العربية في النواحي الثقافية والاقتصادية في الدولة والمجتمع؟ يمكن إيجاز ما أوردته المؤلفة عن هذه الأمور بأن كتب الفقه السني قد تحدثت عن المسيحية العربية بكثافات متفاوتة. فالمالكية، بعكس الشافعية والحنابلة والحنفية، لم يهتموا كثيراً بأمرهم، ويبدو أنهم نظروا إليهم على أنهم فئة عادية من أهل الكتاب، وعليه يسرى عليهم ما يسرى على الذميين الآخرين من أحكام. أما الشافعية والحنابلة فعاملوهم معاملة خاصة وذلك بالاكتفاء بأخذ العشر منهم في تجارتهم، وعوملوا كالمجوس في مجال المناكحة وأكل ذبائحهم، حيث حرمتها الشافعية. وقد تميز المذهب الشافعي بالتشدد، مقارنة بالمذاهب السنية الأخرى تجاه المسيحيين العرب، حيث تم إخراجهم من فئة أهل الكتاب، وتحقيرهم والحط من شأنهم، وتم تحريم مناكحتهم وأكل لحم ذبائحهم. وشاركت الحنفية الشافعية منذ القرن الثاني للهجرة في بعض التصلب في معاملة المسيحيين، وذلك بإجبارهم على ارتداء أزياء معينة، ومنعهم من ممارسة شعائرهم بحرية، وتحديد فضاء تنقلاتهم وإقامتهم. ولا تورد المؤلفة الأسباب أو الظروف التي استجدت في المجتمع والتي دفعت الحنابلة إلى هذا التشدد.
ورغم كل ما سبق ظل المسيحيون العرب في هذه الحقبة، ممثلين بنسب كافية، وكبيرة أحياناً، في الفئات المهنية العليا في المجتمع؛ حيث أثروا التراث العربي وأغنوا اللغة العربية من خلال نقلهم للتراث الفكري والديني والعملي اليوناني والسرياني إلى العربية. ولا ننسى أن نذكر بروز شعراء كبار من بينهم وخاصة في العصر الأموي، كان لهم شأن كبير في تاريخ الشعر العربي. وقد مكنت هذه العوامل بعض المسيحيين العرب من أن يجدوا الحضوة الخاصة عند الخلفاء المسلمين وأن يكونوا ملازمين لبعض الخلفاء والأمراء. وقد اعتمد هذا، في حالات معينة، على مزاج الحاكم سلبا أو إيجاباً. وفي حالات كثيرة كانت تحكم هذه العلاقة المصلحة المتبادلة بين الفئات المسيحية والفئات الحاكمة، ومن هنا لم تكن ثمة مشكلات بين المسيحيين العرب والسلطة السياسية، وإنما كانت مشكلاتهم مع بعض الفقهاء من حيث التصلب أو التسامح.

يثير الجزء الأخير من القسم الثالث من هذا الكتاب مسألة خلافية وذلك عند الحديث عن زوال المسيحية العربية في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) من حيث الأسباب والآليات. فعلى سبيل المثال، تعزو المؤلفة زوال طائفة نجران إلى الموت والدخول في الإٍسلام وتوقف النشاط التبشيري بعد ظهور الإسلام. أما نصارى تنوخ وسليح فقد دخلوا الإسلام طوعا أو إكراهاً وخاصة في العصر العباسي (في عهد المهدي)، مِـمَّا اضطر بعضهم إلى الهجرة إلى أرمينية. وقد أدى تراجع أهمية الحيرة والأنبار إلى نهاية هذين المركزين المسيحيين الهامين، وقد مثل خراب الحيرة في القرن الرابع الهجري نهاية المسيحية النسطورية في جنوب العراق، حيث تعرضت الحيرة إلى عمليات نهب وهدم قام بها الأعراب، فكان عدد سكانها في الربع الأول من القرن الرابع الهجري قليلا حيث هاجر العديد من منهم إلى الكوفة وهي المدينة التي أدى تأسيسها إلى القضاء على أهمية الحيرة. ويدل سكوت التاريخ الكنسي عن ذكر أبرشية تغلب منذ النصف الثاني للقرن العاشر الميلادي على زوال المسيحية بين بني تغلب، وقد تراجع الحضور المسيحي في الجزيرة الفراتية في هذه الحقبة بسبب دمار العديد من المراكز المسيحية نتيجة الاضطرابات السياسية الناتجة عن الصراع بين بني حمدان والترك، مثل مدينة بلد ونصيبين. وقد أدت الصعوبات التي واجهت تغلب إلى التأثير على وجودها في الجزيرة الفراتية مِـمَّا تسبب في إضعافها وتشتتها وفقدانها لبعض ديارها مثل بلد وسنجار وماردين. ولعل أهم تلك الصعوبات نتجب عن الحروب بين قبائل تغلب أو بين تغلب وقبائل من ربيعة في أيام المتوكل، مما أدى إلى رحيل فريق من تغلب إلى أرض الروم سنة 330هـ، في حين عادت قبائل تغلبية أخرى إلى الجزيرة العربية، في تلك الحقبة، ويبدو أنهم تخلو عن مسيحيتهم عند عودتهم.
وهكذا ترى المؤلفة أن القرن الرابع الهجري قد شهد زوال المسيحية العربية في دار الإسلام في المشرق لأسباب عديدة مثل دخول هؤلاء المسيحيين في الإسلام طوعاً أو كرها في أحيان قليلة، وتشتت بعض القبائل المسيحية وخروجهم من بيئتهم المسيحية، وضعف الرهبنة وتلاشيها منذ القرن الثامن الميلادي وهي العامل الأهم في نشأة المسيحية العربية أساسا. ومع هذا تختم المؤلفة كلامها بالتنويه بذكر أسماء عشائر عربية مسيحية تعيش اليوم في الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، دون أن تذكر شيئا عن أصول هذه القبائل، حيث تعيد المؤلفة تأكيد مقولة انتهاء المسيحية العربية في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي). ولكن يبدو من الملائم هنا أن نذكر هنا أن العديد(6) مِـمَّن كتبوا عن المسيحيين العرب في بلاد الشام خاصة لا يشاركون المؤلفة الرأي بانتهاء المسيحية العربية عند نهاية القرن العاشر الميلادي، إذ يرى هؤلاء أن المسيحيين الحاليين، في الشام خاصة، هم أحفاد المسيحيين العرب القدماء من تنوخ وغسان على وجه الخصوص.
وأخيرا: لا بد من القول إن المؤلفة عالجت موضوعا شائكا محفوفا بالمخاطر والمنزلقات الدينية والسياسية والتاريخية، ولكنها استطاعت أن تلم شتات موضوعها بكفاءة عالية وبموضوعية كبيرة في أغلب الأحيان، واستطاعت بذلك أن تؤلف من هذا الشتات أطروحة تلقي الضوء على هذا الموضوع المتشعب مِـمَّا يجعل كتابها هذا عونا كبيرا للباحث في المسيحية العربية بشكل خاص، وفي التاريخ بوجه عام؛ وقد ساعدها على هذا رجوعها إلى العديد من المصادر والمراجع بلغات عديدة مختلفة.
**************
الهوامش:
*) الكتاب لباحثة من تونس، والمقالة لباحث وأكاديمي من الأردن.
1- J.S.Trimingham Christianity Among the Arabs in the PreIslamic
 Times, Longman, Coadon,1979.p.l
2- نقلا عن جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، المجلد الأول، دار العلم للملايين، بيروت، دار النهضة، بغداد، 1976، ص144. ويوافق على هذا الرأي كل من لويس شيخو النصرانية وأدابها بين عرب الجاهلية، دار المشرق، بيروت، الطبعة الثانية، 1989، وكذلك Irfan Shahid، Rome and the Arabs, Dumbarfon Oaks, Washington, D.C. 1984.
3-trimingham, p.154.
4-مولاي محمد جانيف المدنية ضد القرية: تأملات حول الاستيطان البيزنطي المتأخر في منطقة شمال الأردن. أنباء، معهد الآثار والأنثروبولوجيا، جامعة اليرموك. عدد23، 2001، ص23.
5-Ibid, pp.258-266.
6-انظر مثلاً:
أ- عيسى إسكندر المعلوف، دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف، المطبعة العثمانية، بعبدا، 1907-1908.
ب- لويس شيخو، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، دار المشرق، بيروت، ط2، 1989.
جـ- فيليب حتي، تاريخ سوريا ولبنان، بيروت، 1959.
د- مصطفى الدباغ، القبائل العربية وسلائلها في بلادنا فلسطين، دار الطليعة، بيروت، 1979.
هـ- حسين عمر حمادة، تاريخ الناصرة وقضاها، دار منارات، عمان، 1982.
ز- فكتور سحاب، العرب وتاريخ المسألة المسيحية، دار الوحدة، بيروت، 1986.

Comments

Popular posts from this blog

مقامات الأنبياء والرسل في لبنان

أسباب الصراع بين المماليك والعثمانيين- مراجعة: د. هيثم مزاحم

آية الله الشيخ حسن رميتي: نؤيد التخصص في الدراسة الحوزوية