"مبادرة السلام الأزرق" تستلهم التجربة الأوروبية في نهر الراين
بقلم: هيثم مزاحم ، المونيتور نشر أكتوبر 11.
سويسرا، ألمانيا، فرنسا، لوكسمبورغ، هولندا، النمسا، ليختنشتاين، بلجيكا، وإيطاليا، هي تسع دول أوروبية تتعاون بشكل وثيق وناجح من أجل حماية نهر الراين من التلوّث ومراقبة نوعية المياه وكثافة تدفقها لتأمين الاستخدام الأمثل لمياه النهر، الذي يغطي مساحة 200 ألف كيلومتر مربع وتصل مياهه إلى 20 مليون نسمة. هذا التعاون يتم عبر هيئات عديدة أبرزها اللجنة الدولية لحماية الراين(ICPR)، التي تأسست عام 1953 وتضم سويسرا وألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وهولندا، وبالتنسيق مع المفوضية الأوروبية، ووفقاً لاتفاقية حماية نهر الراين التي وقعتها الدول الخمس المذكورة في 12 نيسان/ أبريل 1999.
تقدم الدول الأوروبية المتشاطئة لحوض الراين نموذجاً للتعاون الحضاري والسلمي برغم اختلافاتها العرقية واللغوية وخلافاتها السياسية والتاريخية.
هذه هي الرسالة التي أرادت مبادرة "السلام الأزرق"، التي تديرها المجموعة البحثية الهندية (Strategic Foresight Group)، توجيهها إلى شعوب الشرق الأوسط، عبر تنظيمها رحلة إلى نهر الراين بين سويسرا وألمانيا شارك فيها سياسيون وخبراء وإعلاميون من تركيا والعراق ولبنان والأردن وسوريا ومصر والسعودية، شارك فيها مراسل المونيتور. الزيارة التي استضافتها الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون ووزارة الخارجية السويسرية إمتدت بين 24 و27 سبتمبر/ أيلول الماضي وتوزعت بين زيارة منشآت لمراقبة مياه نهر الراين في سويسرا وألمانيا ولقاءات مع مسؤولين سويسريين وألمان شرحوا للوفد الزائر، الذي ضم نحو 35 مشاركاً، آليات عمل اللجان المحلية والدولية لحماية الراين بدءاً من المنبع في سويسرا وصولاً إلى المصب في بحر الشمال.
لا شك أن هذه التجربة الأوروبية في التعاون المائي والبيئي هي نموذج رائد جدير بالاقتداء في الشرق الأوسط ومناطق أخرى. وقد أثارت مداخلات المسؤولين والخبراء الأوروبيين إعجاب المشاركين وأعربوا عن رغبتهم وتطلعهم لاقتباس هذه التجربة من خلال إنشاء مجلس إقليمي للمياه في الشرق الأوسط، وتعزيز التعاون بين الدول المتشاطئة على أنهار المنطقة، وبشكل خاص نهرا دجلة والفرات، بدءاً من المشاركة في المعلومات عن كميات المياه المتدفقة وصولاً إلى مراقبة تلوّث المياه ونسبة تدفقها واحتمالات فيضانها، وانتهاء بالمشاركة العادلة لهذه المياه.
على الرغم من نجاح التجربة الأوروبية في التعاون والتشارك في نهر الراين، إلا أن تعميمها ونقلها إلى الشرق الأوسط دونه عقبات كثيرة، أولها وليس آخرها الصراعات السياسية بين دول المنطقة، والتي تجعل الحديث عن تعاون مائي نوعاً من الترف العلمي في ظل الصراعات السياسية والعسكرية والطائفية في المنطقة، وخصوصاً في سوريا والعراق، وامتداداتها إلى تركيا ولبنان والأردن، إضافة إلى الصراع العربي – الفلسطيني الذي يجعل أي حديث عن تعاون مائي بين إسرائيل والدول العربية أمراً عبثياً في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرا ضي الفلسطينية والسورية واللبنانية وعدم حل القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين الفلسطينيين.
إلا أن ذلك لم يغب عن بال مطلقي "مبادرة السلام الأزرق" والتي يشارك في عضويتها وزراء سابقون من دول المنطقة، بينهم وزير الخارجية التركي الأسبق يسار ياكش ووزير المالية اللبناني السابق محمد شطح ووزير حقوق الإنسان العراقي السابق بختيار أمين. إذ تقوم المبادرة على مقاربة أن التعاون المشترك بين دول المنطقة بشأن المياه قد يكون عاملاً يساعد على إحلال السلام بينها، بناء على فرضية تطرحها المبادرة تقول إن "أي دولتين ملتزمتين في تعاون مائي فعال لن ينزلقا في حرب بينهما لأي سبب".
تحتاج هذه المقاربة إلى دراسة وفحص سواء على المستوى العالمي أو الشرق أوسطي، للتأكد من صدقيتها ورجحانها. فعادة التوافق السياسي والسلام وإنهاء حالة الحرب تسبق التعاون المائي والاقتصادي والعلمي والثقافي. والتجربة الأوروبية في التعاون سواء في الاتحاد الأوروبي أو بشأن نهر الراين قد بدأت بعد انتهاء الحروب في ما بين الدول الأوروبية في بداية خمسينيات القرن العشرين، وتوجت بمعاهدة ماستريخت لإنشاء الاتحاد الأوروبي في فبراير/شباط 1992 وكذلك في اتفاقية حماية الراين عام 1999.
الدكتورة آن شولت وليفرليدغ، نائبة الأمين العام للجنة الدولية لحماية الراين، أكدت للمشاركين خلال مداخلتها في مقر اللجنة الدولية في مدينة كوبلنز الألمانية أنه ينبغي أولاً التوصل إلى توافق سياسي يمهد للتعاون المائي والبيئي، مشيرة إلى حادثة حريق مستودع شركة "ساندوز ليمتد" الممتلئ بالمبيدات الحشرية قرب مدينة بازل في سويسرا في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 1986، حيث جرفت المياه التي استعملت في إطفاء نيران الحريق الكيماويات إلى النهر. وتبين لاحقاً أن أحد هذه الكيماويات - وهو ثنائي السلفوتون disulfoton - هو مادة سامة أدت إلى قتل آلاف الأسماك في النهر. هذا الحادث دفع بوزراء دول الراين إلى الاجتماع في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1986 حيث تم تبني برنامج الراين لحماية النظام الإيكولوجي وجرى اتخاذ إجراءات لحماية النهر من التلوث وإنشاء محطات لمراقبة مياه النهر واتفق الجانبان السويسري والألماني على تأسيس محطة ثنائية للمراقبة في بازل.
لقد حثَّت هذه الكارثة الجهود السياسية والعلمية والتقنية لإزالة التلوّث من النهر واسترداده عافيته وإعادة الحياة الحيوانية إليه حيث عاد الراين اليوم خالياً من أي تلوث وعادت الحياة الحيوانية إليه، وخصوصاً سمك السلمون الثمين، كما أصبح النهر صالحاً للسباحة والشرب، وهو ما تفتقده الكثير من الأنهار في منطقة الشرق الأوسط، بسبب ارتفاع التلوّث فيها، بدءاً من نهري دجلة والفرات وصولاً إلى نهري الأردن واليرموك ونهر الليطاني وغيرها.
الرحلة بدأت بلقاء مسؤولين في وكالة التنمية والتعاون السويسرية في مبنى وزارة المالية في برن حيث جرى نقاش مبادرة السلام الأزرق والتجربة الأوروبية في نهر الراين، كما جرى لقاء بين البرلمانيين والسياسيين المشاركين في الوفد ومسؤولين برلمانيين سويسريين. وعلم "المونيتور" أن الجانب السويسري تساءل عن غياب الإسرائيليين عن المشاركة في المبادرة، وهو ما أوضحه الجانب اللبناني برفض أي مشاركة إسرائيلية نتيجة حالة الحرب والمقاطعة بين لبنان وسوريا وإسرائيل، معتبراً أن الحديث عن مشكلة المياه يأتي بعد حل القضية الفلسطينية ومشكلة الأراضي المحتلة واللاجئين.
وفي اليوم الثاني بدأت الرحلة الميدانية بزيارة إلى محطة المياه السويسرية لمراقبة نهر الراين، ثم تلتها زيارة محطة المراقبة المشتركة الألمانية – السويسرية في بازل حيث اطلع المشاركون على كيفية قيام العاملين في المحطة بأخذ عيّنات من المياه أكثر من مرة يومياً وفحصها لمعرفة نسبة المواد الكيميائية الضارة والسامة فيها ورفع التقرير إلى اللجنة الدولية لحماية الراين.
في اليوم الثالث تمت زيارة مقر اللجنة الدولية لحماية نهر الراين في مدينة كوبلنز الألمانية، حيث تحدث عدد من مسؤولي اللجنة والمعهد الفيدرالي الألماني للمياه عن آليات عمل اللجنة وإنجازاتها ومشاريعها المستقبلية فجرى نقاش بين المسؤولين والباحثين الألمان والمشاركين الذين استفسروا عن كيفية نقل التجربة الأوروبية إلى الشرق الأوسط وإقناع بعض دول المنطقة على التعاون والتشارك في المياه وعدم احتكارها بحجة أنها دولة منبع النهر ولها الحق في استثماره باعتباره حقاً سيادياً لها. وقد تم التوافق بين المشاركين على تفعيل لجنة الإعلام من أجل بناء موقع الكتروني للترويج للمبادرة وقضية المياه في الشرق الأوسط والعمل على إنتاج فيلم وثائقي عن هذه القضية.
إذاً، تحاول سويسرا الدولة الأوروبية المحايدة عبر تمويلها لمبادرة السلام الأزرق وتمديدها لهذا التمويل لسنتين إضافيتين التقريب بين الأطراف المشاركين وحثهم على التعاون في قضية المياه. ويراهن رئيس "مجموعة الاستشراف الاستراتيجي" الهندية صنديب وازليكر على إيجاد تقارب تركي – عراقي بعد الانتخابات المقبلة في كلا البلدين عام 2014 من أجل تعزيز التعاون المائي وإنشاء مجلس إقليمي للتعاون المائي أو هيئة ثنائية عراقية – تركية.
وتأتي زيارة نهر الراين استكمالاً لمؤتمر "السلام الأزرق في الشرق الأوسط"، الذي عُقد في اسطنبول في مارس/ آذار 2013، وسوف يستتبع بلقاء في العاصمة الأردنية عمان في نوفمبر المقبل حيث سيتم إطلاق تقرير "مجموعة الاستشراف الاستراتيجي" بعنوان "تعاون مائي من أجل عالم آمن: تركيز على الشرق الأوسط".
يشار إلى أن نهر الراين هو أحد أهم الأنهر الأوروبية ويبلغ طوله نحو 1232 كيلومتراً ويرتبط بأنهار أوروبية مهمة مثل الدانوب والرون مما يجعل منه مجرى ملاحياً داخلياً عظيماً، حيث تنقل المراكب الهولندية والألمانية من خلاله الفحم ومشتقات النفط وخامات المعادن والحبوب. وقد لعب النهر دوراً تاريخياً في تحديد حدود الدول كخط فاصل بينها، كما بنى الرومان أولى مستعمراتهم على النهر في كولونيا في العام 38 قبل الميلاد. وكان سبباً للنزاع والحروب بين الدول الأوروبية وخصوصاً بين فرنسا وألمانيا.
Read more: http://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/opinion/2013/10/blue-peace-initiative-rhine-middle-east-water-agreement.html#ixzz2hc6WBAU1
سويسرا، ألمانيا، فرنسا، لوكسمبورغ، هولندا، النمسا، ليختنشتاين، بلجيكا، وإيطاليا، هي تسع دول أوروبية تتعاون بشكل وثيق وناجح من أجل حماية نهر الراين من التلوّث ومراقبة نوعية المياه وكثافة تدفقها لتأمين الاستخدام الأمثل لمياه النهر، الذي يغطي مساحة 200 ألف كيلومتر مربع وتصل مياهه إلى 20 مليون نسمة. هذا التعاون يتم عبر هيئات عديدة أبرزها اللجنة الدولية لحماية الراين(ICPR)، التي تأسست عام 1953 وتضم سويسرا وألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وهولندا، وبالتنسيق مع المفوضية الأوروبية، ووفقاً لاتفاقية حماية نهر الراين التي وقعتها الدول الخمس المذكورة في 12 نيسان/ أبريل 1999.
تقدم الدول الأوروبية المتشاطئة لحوض الراين نموذجاً للتعاون الحضاري والسلمي برغم اختلافاتها العرقية واللغوية وخلافاتها السياسية والتاريخية.
هذه هي الرسالة التي أرادت مبادرة "السلام الأزرق"، التي تديرها المجموعة البحثية الهندية (Strategic Foresight Group)، توجيهها إلى شعوب الشرق الأوسط، عبر تنظيمها رحلة إلى نهر الراين بين سويسرا وألمانيا شارك فيها سياسيون وخبراء وإعلاميون من تركيا والعراق ولبنان والأردن وسوريا ومصر والسعودية، شارك فيها مراسل المونيتور. الزيارة التي استضافتها الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون ووزارة الخارجية السويسرية إمتدت بين 24 و27 سبتمبر/ أيلول الماضي وتوزعت بين زيارة منشآت لمراقبة مياه نهر الراين في سويسرا وألمانيا ولقاءات مع مسؤولين سويسريين وألمان شرحوا للوفد الزائر، الذي ضم نحو 35 مشاركاً، آليات عمل اللجان المحلية والدولية لحماية الراين بدءاً من المنبع في سويسرا وصولاً إلى المصب في بحر الشمال.
لا شك أن هذه التجربة الأوروبية في التعاون المائي والبيئي هي نموذج رائد جدير بالاقتداء في الشرق الأوسط ومناطق أخرى. وقد أثارت مداخلات المسؤولين والخبراء الأوروبيين إعجاب المشاركين وأعربوا عن رغبتهم وتطلعهم لاقتباس هذه التجربة من خلال إنشاء مجلس إقليمي للمياه في الشرق الأوسط، وتعزيز التعاون بين الدول المتشاطئة على أنهار المنطقة، وبشكل خاص نهرا دجلة والفرات، بدءاً من المشاركة في المعلومات عن كميات المياه المتدفقة وصولاً إلى مراقبة تلوّث المياه ونسبة تدفقها واحتمالات فيضانها، وانتهاء بالمشاركة العادلة لهذه المياه.
على الرغم من نجاح التجربة الأوروبية في التعاون والتشارك في نهر الراين، إلا أن تعميمها ونقلها إلى الشرق الأوسط دونه عقبات كثيرة، أولها وليس آخرها الصراعات السياسية بين دول المنطقة، والتي تجعل الحديث عن تعاون مائي نوعاً من الترف العلمي في ظل الصراعات السياسية والعسكرية والطائفية في المنطقة، وخصوصاً في سوريا والعراق، وامتداداتها إلى تركيا ولبنان والأردن، إضافة إلى الصراع العربي – الفلسطيني الذي يجعل أي حديث عن تعاون مائي بين إسرائيل والدول العربية أمراً عبثياً في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرا ضي الفلسطينية والسورية واللبنانية وعدم حل القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين الفلسطينيين.
إلا أن ذلك لم يغب عن بال مطلقي "مبادرة السلام الأزرق" والتي يشارك في عضويتها وزراء سابقون من دول المنطقة، بينهم وزير الخارجية التركي الأسبق يسار ياكش ووزير المالية اللبناني السابق محمد شطح ووزير حقوق الإنسان العراقي السابق بختيار أمين. إذ تقوم المبادرة على مقاربة أن التعاون المشترك بين دول المنطقة بشأن المياه قد يكون عاملاً يساعد على إحلال السلام بينها، بناء على فرضية تطرحها المبادرة تقول إن "أي دولتين ملتزمتين في تعاون مائي فعال لن ينزلقا في حرب بينهما لأي سبب".
تحتاج هذه المقاربة إلى دراسة وفحص سواء على المستوى العالمي أو الشرق أوسطي، للتأكد من صدقيتها ورجحانها. فعادة التوافق السياسي والسلام وإنهاء حالة الحرب تسبق التعاون المائي والاقتصادي والعلمي والثقافي. والتجربة الأوروبية في التعاون سواء في الاتحاد الأوروبي أو بشأن نهر الراين قد بدأت بعد انتهاء الحروب في ما بين الدول الأوروبية في بداية خمسينيات القرن العشرين، وتوجت بمعاهدة ماستريخت لإنشاء الاتحاد الأوروبي في فبراير/شباط 1992 وكذلك في اتفاقية حماية الراين عام 1999.
الدكتورة آن شولت وليفرليدغ، نائبة الأمين العام للجنة الدولية لحماية الراين، أكدت للمشاركين خلال مداخلتها في مقر اللجنة الدولية في مدينة كوبلنز الألمانية أنه ينبغي أولاً التوصل إلى توافق سياسي يمهد للتعاون المائي والبيئي، مشيرة إلى حادثة حريق مستودع شركة "ساندوز ليمتد" الممتلئ بالمبيدات الحشرية قرب مدينة بازل في سويسرا في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 1986، حيث جرفت المياه التي استعملت في إطفاء نيران الحريق الكيماويات إلى النهر. وتبين لاحقاً أن أحد هذه الكيماويات - وهو ثنائي السلفوتون disulfoton - هو مادة سامة أدت إلى قتل آلاف الأسماك في النهر. هذا الحادث دفع بوزراء دول الراين إلى الاجتماع في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1986 حيث تم تبني برنامج الراين لحماية النظام الإيكولوجي وجرى اتخاذ إجراءات لحماية النهر من التلوث وإنشاء محطات لمراقبة مياه النهر واتفق الجانبان السويسري والألماني على تأسيس محطة ثنائية للمراقبة في بازل.
لقد حثَّت هذه الكارثة الجهود السياسية والعلمية والتقنية لإزالة التلوّث من النهر واسترداده عافيته وإعادة الحياة الحيوانية إليه حيث عاد الراين اليوم خالياً من أي تلوث وعادت الحياة الحيوانية إليه، وخصوصاً سمك السلمون الثمين، كما أصبح النهر صالحاً للسباحة والشرب، وهو ما تفتقده الكثير من الأنهار في منطقة الشرق الأوسط، بسبب ارتفاع التلوّث فيها، بدءاً من نهري دجلة والفرات وصولاً إلى نهري الأردن واليرموك ونهر الليطاني وغيرها.
الرحلة بدأت بلقاء مسؤولين في وكالة التنمية والتعاون السويسرية في مبنى وزارة المالية في برن حيث جرى نقاش مبادرة السلام الأزرق والتجربة الأوروبية في نهر الراين، كما جرى لقاء بين البرلمانيين والسياسيين المشاركين في الوفد ومسؤولين برلمانيين سويسريين. وعلم "المونيتور" أن الجانب السويسري تساءل عن غياب الإسرائيليين عن المشاركة في المبادرة، وهو ما أوضحه الجانب اللبناني برفض أي مشاركة إسرائيلية نتيجة حالة الحرب والمقاطعة بين لبنان وسوريا وإسرائيل، معتبراً أن الحديث عن مشكلة المياه يأتي بعد حل القضية الفلسطينية ومشكلة الأراضي المحتلة واللاجئين.
وفي اليوم الثاني بدأت الرحلة الميدانية بزيارة إلى محطة المياه السويسرية لمراقبة نهر الراين، ثم تلتها زيارة محطة المراقبة المشتركة الألمانية – السويسرية في بازل حيث اطلع المشاركون على كيفية قيام العاملين في المحطة بأخذ عيّنات من المياه أكثر من مرة يومياً وفحصها لمعرفة نسبة المواد الكيميائية الضارة والسامة فيها ورفع التقرير إلى اللجنة الدولية لحماية الراين.
في اليوم الثالث تمت زيارة مقر اللجنة الدولية لحماية نهر الراين في مدينة كوبلنز الألمانية، حيث تحدث عدد من مسؤولي اللجنة والمعهد الفيدرالي الألماني للمياه عن آليات عمل اللجنة وإنجازاتها ومشاريعها المستقبلية فجرى نقاش بين المسؤولين والباحثين الألمان والمشاركين الذين استفسروا عن كيفية نقل التجربة الأوروبية إلى الشرق الأوسط وإقناع بعض دول المنطقة على التعاون والتشارك في المياه وعدم احتكارها بحجة أنها دولة منبع النهر ولها الحق في استثماره باعتباره حقاً سيادياً لها. وقد تم التوافق بين المشاركين على تفعيل لجنة الإعلام من أجل بناء موقع الكتروني للترويج للمبادرة وقضية المياه في الشرق الأوسط والعمل على إنتاج فيلم وثائقي عن هذه القضية.
إذاً، تحاول سويسرا الدولة الأوروبية المحايدة عبر تمويلها لمبادرة السلام الأزرق وتمديدها لهذا التمويل لسنتين إضافيتين التقريب بين الأطراف المشاركين وحثهم على التعاون في قضية المياه. ويراهن رئيس "مجموعة الاستشراف الاستراتيجي" الهندية صنديب وازليكر على إيجاد تقارب تركي – عراقي بعد الانتخابات المقبلة في كلا البلدين عام 2014 من أجل تعزيز التعاون المائي وإنشاء مجلس إقليمي للتعاون المائي أو هيئة ثنائية عراقية – تركية.
وتأتي زيارة نهر الراين استكمالاً لمؤتمر "السلام الأزرق في الشرق الأوسط"، الذي عُقد في اسطنبول في مارس/ آذار 2013، وسوف يستتبع بلقاء في العاصمة الأردنية عمان في نوفمبر المقبل حيث سيتم إطلاق تقرير "مجموعة الاستشراف الاستراتيجي" بعنوان "تعاون مائي من أجل عالم آمن: تركيز على الشرق الأوسط".
يشار إلى أن نهر الراين هو أحد أهم الأنهر الأوروبية ويبلغ طوله نحو 1232 كيلومتراً ويرتبط بأنهار أوروبية مهمة مثل الدانوب والرون مما يجعل منه مجرى ملاحياً داخلياً عظيماً، حيث تنقل المراكب الهولندية والألمانية من خلاله الفحم ومشتقات النفط وخامات المعادن والحبوب. وقد لعب النهر دوراً تاريخياً في تحديد حدود الدول كخط فاصل بينها، كما بنى الرومان أولى مستعمراتهم على النهر في كولونيا في العام 38 قبل الميلاد. وكان سبباً للنزاع والحروب بين الدول الأوروبية وخصوصاً بين فرنسا وألمانيا.
Read more: http://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/opinion/2013/10/blue-peace-initiative-rhine-middle-east-water-agreement.html#ixzz2hc6WBAU1
Comments
Post a Comment