الوزير السابق عبد الرحيم مراد: على أحزاب السنّة والشيعة البعد عن الخطاب المذهبي

أجرى الحوار: هيثم مزاحم





وزير الدفاع اللبناني الأسبق والنائب السابق عن منطقة البقاع الغربي عبد الرحيم مراد (أبو حسين) ولد في 17 تشرين الأول أكتوبر عام 1942. ونشأ في أسرة فلاحية في بلدته غزة  البقاعية. بدأ اهتمامه السياسي باكراً عام 1956عندما كان في الرابعة عشرة من عمره. وعام 1958 كام عام الوحدة بين مصر وسوريا فذهب إلى دمشق لرؤية الرئيس المصري جمال عبد الناصر. هنا بدأ انتماؤه الناصري ونشاطه السياسي. عام 1961 غادر إلى مصر ليكون قريباً من عبد الناصر. نال الثانوية العامة في مصر عام 1962. نال شهادة بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة بيروت العربية عام 1968 وبكالوريوس في الحقوق من الجامعة نفسها عام 1972 .
في عام 1975 كانت بداية الحرب الأهلية فقرر مع مجموعة من الكوادر الناصرية في لبنان توحيد التنظيمات الناصرية تحت اسم الاتحاد الاشتراكي العربي. ولكن سرعان ما انفرط هذا الاتحاد وعادت هذه التنظيمات إلى حالها. سافر إلى البرازيل عام 1976 وعمل مع مجموعة من أصدقائه على جمع التبرعات من المغتربين اللبنانيين لبناء مدرسة نموذجية، فكانت البذرة الأولى في مشروع مركز عمر المختار التربوي الذي يضم مدارس ومهنية ومدينة رياضية وكذلك بناء دار للأيتام ودار للحالات الاجتماعية إلى تأسيس الجامعة اللبنانية الدولية في قلب الريف اللبناني، ومن ثم انتقلت إلى بيروت وصيدا وطرابلس والجديدة وعدد من الدول العربية والإسلامية.
بدأ مشواره كعضو في مجلس النواب اللبناني منذ العام 1991 إثر توقيع اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، واستمر نائباً منتخباً حتى العام 2005.  عيّن وزيراً للتعليم العالي والمهني والتقني بين عامي 1995 و1998. وفي العام 2000 تولّى وزارة التربية والتعليم العالي والمهني والتقني حتى عام 2003، وكان له دور كبير في إنشاء الكثير من المدارس والمهنيات الرسمية وتجهيزها وتطوير المناهج التربوية. في العام 2004 تولّى وزارة الدفاع. يرأس حالياً حزب الاتحاد ومجلس أمناء الجامعة اللبنانية الدولية وجمعيات خيرية واجتماعية وثقافية وتربوية، حيث يقوم بإدارة مؤسساته التربوية والخيرية، فضلاً عن نشاطه السياسي والتنموي. يعتبر الوزير مراد أحد المرشحين البارزين لرئاسة الحكومة في لبنان، وهو معروف بثوابته الوطنية والقومية ودعمه للمقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة.

وكان حوار مع الوزير مراد لوقوف على رأيه في أهم التطورات اللبنانية والعربية كما يلي:
رأى رئيس حزب الاتحاد الوزير والنائب اللبناني السابق عبد الرحيم مراد أن ظاهرة الشيخ أحمد الأسير في مدينة صيدا جنوب لبنان يعود سببها إلى غياب القيادات لدى الطائفة السنية وتشتّت هذه القيادات وعدم وجود مرجعية تملأ هذا الفراغ، مما يسمح للبعض في صيدا والشمال بملء هذا الفراغ في ظل التحريض والتجييش الطائفي والمذهبي.
وعن تبرير البعض لظاهرة الشيخ الأسير بأنها رد فعل على وجود السلاح لدى حزب الله، رفض الوزير مراد هذه التبريرات وإستنكر المقارنة بين سلاح المقاومة الذي حرّر جنوب لبنان والبقاع الغربي من الاحتلال الإسرائيلي وهزم إسرائيل في حرب تموز 2006 وبين السلاح المنتشر بين المسلحين في الداخل. وإعتبر أن سلاح المقاومة هو لتحرير ما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة وردع إسرائيل عن التفكير بأي عدوان على لبنان.
ورداً على سؤال عما إذا كان موقفه الداعم للمقاومة الإسلامية في لبنان الممثلة في حزب الله يمثّل إحراجاً له في أوساط ناخبيه ومؤيديه في وسط أهل السنّة في البقاع، أجاب مراد قائلاً إن ذلك - وللأسف - حصل بالفعل نتيجة التحريض المذهبي الذي بدأ بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وأكد مراد أن ما يهمه التمسك بثوابته ومواقفه الوطنية والقومية، وهو سعيد فقط بأن يصفه الناس بأنه رجل مؤسسات، بسبب المؤسسات الخيرية والتربوية الكبيرة التي أسسها ولا يزال يديرها ويطورها وينميها.
وعن تصوّره للحلول التي يمكنها أن تعالج هذا التشنّج الطائفي والمذهبي في لبنان، رأى الوزير مراد أن الحل هو في تبنّي السياسيين والمسؤولين خطاباً وطنياً وقومياً والتخلي عن الخطاب الطائفي والمذهبي، وأنه إذا كان إلغاء الطائفية السياسية غير ممكن حالياً، فيجب على الأقل أن يكون قانون الانتخابات النيابية في لبنان على أساس قانون النسبية، الأمر الذي يضعف الاستقطابات الطائفية والمذهبية ويخلق خطاباً وطنياً جامعاً.
ولدى سؤاله عن كيفية الحدّ من الفتنة المذهبية بين المسلمين الشيعة والسنّة في لبنان والعالم العربي والإسلامي، والتي يتم العمل على تغذيتها دولياً وإقليمياً ومحلياً، أجاب مراد بأنه يجب على القيادات السياسية والدينية وأحزاب السنّة والشيعة في لبنان بما فيها حزب الله وحركة أمل، على تبنّي خطاب وطني غير طائفي جامع، وتجنّب أي خطاب يثير حساسيات مذهبية لدى الطرف الآخر.
أما في العالم العربي، فأشار الوزير مراد إلى وجود تخلف كبير في الدول العربية بخلاف الدول الإسلامية غير العربية كإيران وتركيا وماليزيا وباكستان وكازخستان وغيرها، التي تمكنت من بناء دول متطورة ومؤسسات وتطوير صناعات وتكنولوجيا متقدمة وحتى بناء برامج نووية. وتساءل مراد ماذا فعلت الأنظمة العربية في موارد النفط التي تدخل يومياً نحو خمسة عشر مليار دولار إلى خزائنها، وأي تقدم أو إنجاز علمي أو صناعي أنجزته هذه الدول؟
وأشار مراد أنه خلال حكم الرئيس جمال عبد الناصر في مصر كان يرسل بعثات دينية من الأزهر إلى العالم العربي والإسلامي ساهمت في مدّ جسور الوحدة الإسلامية والتقارب بين المذاهب، ولكن الأزهر مغيّب اليوم، مشيراً إلى ضرورة عودة الأزهر للعب دوره كمرجعية إسلامية موحّدة.
وعن تقييمه للوضع في سوريا اليوم، إعتبر الوزير مراد أن هناك بالفعل مؤامرة على سوريا، وأن النظام السوري ليس مستهدفاً بسبب اتهامه بالفساد أو الاستبداد، ولكن في الحقيقة لكونه الوحيد الذي يحمل لواء العروبة والقومية ويدعم المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة. وتمنى مراد أن يعود السوريون إلى لغة العقل ويتوقف نزيف الدم حتى تتواصل الإصلاحات التي أعلنها الرئيس السوري بشار الأسد، ويتم الحوار بين كل الأطراف وهو الحل الوحيد مهما طال الزمن.
ورداً على سؤال عن وضعه الإنتخابي في المحطتين الإنتخابيتين 2005 و2009  في منطقة البقاع في السنوات الأخيرة، برغم كونه ناشطاً على الصعيد السياسي والحزبي والإنمائي والتربوي منذ عقود، كرّر مراد أن ذلك سببه التحريض المذهبي ومواقفه الوطنية والقومية ولجوء منافسيه إلى شراء الأصوات في الانتخابات، بحيث وصل سعر الصوت إلى سبعة آلاف دولار. وفسّر ذلك بأنه استقدمت عائلات من كل دول الإغتراب مع أولادهم كي يقترعوا لمصلحة اللائحة المنافسة وكان يدفع لهم تذاكر السفر ومبالغ مالية إضافية لقاء ذلك.
ولفت مراد إلى أن المشاريع التي أنشأها في منطقة البقاع وحدها يمكنها إيصال كتلة نيابية إلى البرلمان، لو كان هناك إنصاف لهذا الجهد، مشيراً إلى أن هذه المؤسسات تحتضن خمسة عشر ألف شخص بين مدرّس وطالب وموظف بينهم 3500 موظف.
وحول نيّته الترشّح إلى الانتخابات النيابية المقبلة، أكد مراد أنه لن يتخلى عن جمهوره وأن هذه المشاريع التي أنشأها تحتاج إلى مواصلته العمل العام لمتابعتها وإستكمالها.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت هذه المؤسسات التربوية والخيرية من مركز عمر المختار التربوي ودور الأيتام والجامعة اللبنانية الدولية التي لها فروع في البقاع وبيروت وخارج لبنان، هي مشروع تجاري أم سياسي أم تربوي وإنمائي، أجاب مراد قاطعاً بأنها مشاريع تربوية وإنمائية وخيرية وأن المؤسسات في البقاع تعود ملكيتها وإيرادتها للوقف العام.
أما عن نشاط حزب الاتحاد الذي يترأسه، وهو حزب ناصري قومي عربي، فقال مراد إن الحزب لا يزال ناشطاً برغم خروج بعض العناصر منه، وأن ظاهرة الانقسام وخروج الأعضاء شهدتها جميع الأحزاب في لبنان بلا استثناء.



Comments

Popular posts from this blog

مقامات الأنبياء والرسل في لبنان

أسباب الصراع بين المماليك والعثمانيين- مراجعة: د. هيثم مزاحم

"البدول" سكان كهوف البتراء يتوقون إلى العودة للعيش فيها