الإرهاب بين العراق ولبنان - هيثم مزاحم
الإرهاب بين العراق ولبنان
هيثم مزاحم - البيان
عجيب أمر هؤلاء الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء بدم بارد ودون وازع ديني أو أخلاقي، والأكثر عجباً هو هؤلاء الإرهابيون الانتحاريون، الذين يرتكبون المجازر ضد الأطفال والنساء والشيوخ والمصلين وهم خارجون من مساجدهم أو حتى داخل المساجد، إذ يتوهمون أنهم يقومون بعمل ديني سيثابون عليه يوم القيامة!
فبالأمس حاول قتلة مجهولون اغتيال الإعلامية الزميلة مي شدياق بتفجير سيارتها فنجت بأعجوبة لكنها فقدت يدها وساقها وأصيبت في معظم أجزاء جسمها. ويتساءل المرء كيف يمكن ردع الإرهابيين في لبنان والعراق والسعودية ومصر وباكستان وتركيا إلى أوروبا وأميركا؟
بالطبع ثمة جهود دولية وعربية كبيرة في مكافحة الإرهاب ولكنها ليست كافية البتة، خاصة في العالم العربي والإسلامي، إذ أن معظم هذه الجهود هي جهود حكومات وأجهزة أمنية بينما الرأي العام في هذه الدول هو إما غير مبال أو جزء منه متعاطف أحياناً مع الإرهابيين بزعم أنهم مجاهدون ومقاومون يقاتلون قوات الاحتلال الأميركي في العراق وأفغانستان أو الحكومات في بعض الدول.
ولعل هذه هي الثغرة الأساسية التي تجعل محاربة الإرهاب صعبة جداً وتجعل القضاء عليه شبه مستحيلة. فطالما الإرهاب يتغذى من المجتمع المدني مالياً وبشرياً فلا يمكن وضع نهاية له إلا باقتلاع جذوره أو الشرايين التي تمده بالدم والغذاء أي المقاتلين والتمويل. من هنا نفهم مغزى القرارات الدولية التي نصت على تجفيف مصادر تمويل الإرهاب من خلال تجميد أرصدة الأشخاص والمؤسسات والجمعيات التي تقدم أي دعم لإرهابيين،
وكذلك القرارات التي دعت الدول إلى عدم إيواء إرهابيين على أراضيها أو تمريرهم و تهريبهم إلى دول مجاورة. ففي العراق الإرهابيون معروفون بانتماءاتهم وتوجهاتهم الدينية والسياسية وهم يعلنون عن عملياتهم الإجرامية بوقاحة لا نظير لها إلا وقاحة القيادات الإسرائيلية في إعلانها عن عملياتها العدوانية.
ورغم أن الإرهابي في العراق لا يعرف إلا بعدما يقتل منتحراً أو خلال اشتباك مع قوات الأمن العراقية أو القوات الأميركية أو حين يعتقل، إلا أنه في النهاية سيكون واحداً من اثنين: أحد أنصار صدام حسين وحزب البعث أو أحد أتباع الأصوليين التكفيريين وهو في الحالتين مضلل أوهم أن التفجير الانتحاري سيقوده إلى الجنة وأن في قتل العراقيين الأبرياء
خلاصاً للعراق من الاحتلال بزعم أن هؤلاء الضحايا يتعاونون مع قوات الاحتلال. أما في لبنان فالإرهابي مجهول الهوية فلم يتم اعتقال أي واحد من واضعي المتفجرات تلك ولم تتبن أية جهة مسؤوليتها عن هذه العمليات الإرهابية، حتى أن وزير الداخلية اللبناني قال «نواجه حالياً نوعاً من شبح، شخصاً أو جهة متخصصة تنفذ مخططاً إرهابياً»،
مقراً بعدم وجود أي خيط يقود إلى المجرمين «لأنه عندما يكون هناك شخص يحضر حقيبة مفخخة ويضعها في أي شارع ويهرب، فإن الدليل يصبح إما الحقيبة التي تنفجر وإما الشخص الذي يهرب دون أن يراه أحد». قد لا يكون مقبولاً تبرير الحكومة اللبنانية لعجزها عن مواجهة مسلسل التفجيرات هذا المتنقل بين سياسي هنا وإعلامي هناك ومركز تجاري أو شارع سكني، ولكن من السهل توجيه الانتقاد للمسؤولين لتقصيرهم،
أما الواقع فهو مختلف تماماً، نظراً لتعقيدات الواقع الأمني والسياسي في لبنان، نتيجة مرورهم في الحرب الأهلية ومن ثم الاحتلال الإسرائيلي والوجود السوري، إلى تعدد الأجهزة الأمنية واختراق هذه الأجهزة من قبل أطراف إقليمية ودولية خلال الثلاثين سنة الماضية. نأمل أن يكون الاعتداء الذي طاول الزميلة مي شدياق الأخير على أن يتم الاقتصاص من جميع هؤلاء الإرهابيين.
(hmzahem@yahoo.com)
هيثم مزاحم - البيان
عجيب أمر هؤلاء الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء بدم بارد ودون وازع ديني أو أخلاقي، والأكثر عجباً هو هؤلاء الإرهابيون الانتحاريون، الذين يرتكبون المجازر ضد الأطفال والنساء والشيوخ والمصلين وهم خارجون من مساجدهم أو حتى داخل المساجد، إذ يتوهمون أنهم يقومون بعمل ديني سيثابون عليه يوم القيامة!
فبالأمس حاول قتلة مجهولون اغتيال الإعلامية الزميلة مي شدياق بتفجير سيارتها فنجت بأعجوبة لكنها فقدت يدها وساقها وأصيبت في معظم أجزاء جسمها. ويتساءل المرء كيف يمكن ردع الإرهابيين في لبنان والعراق والسعودية ومصر وباكستان وتركيا إلى أوروبا وأميركا؟
بالطبع ثمة جهود دولية وعربية كبيرة في مكافحة الإرهاب ولكنها ليست كافية البتة، خاصة في العالم العربي والإسلامي، إذ أن معظم هذه الجهود هي جهود حكومات وأجهزة أمنية بينما الرأي العام في هذه الدول هو إما غير مبال أو جزء منه متعاطف أحياناً مع الإرهابيين بزعم أنهم مجاهدون ومقاومون يقاتلون قوات الاحتلال الأميركي في العراق وأفغانستان أو الحكومات في بعض الدول.
ولعل هذه هي الثغرة الأساسية التي تجعل محاربة الإرهاب صعبة جداً وتجعل القضاء عليه شبه مستحيلة. فطالما الإرهاب يتغذى من المجتمع المدني مالياً وبشرياً فلا يمكن وضع نهاية له إلا باقتلاع جذوره أو الشرايين التي تمده بالدم والغذاء أي المقاتلين والتمويل. من هنا نفهم مغزى القرارات الدولية التي نصت على تجفيف مصادر تمويل الإرهاب من خلال تجميد أرصدة الأشخاص والمؤسسات والجمعيات التي تقدم أي دعم لإرهابيين،
وكذلك القرارات التي دعت الدول إلى عدم إيواء إرهابيين على أراضيها أو تمريرهم و تهريبهم إلى دول مجاورة. ففي العراق الإرهابيون معروفون بانتماءاتهم وتوجهاتهم الدينية والسياسية وهم يعلنون عن عملياتهم الإجرامية بوقاحة لا نظير لها إلا وقاحة القيادات الإسرائيلية في إعلانها عن عملياتها العدوانية.
ورغم أن الإرهابي في العراق لا يعرف إلا بعدما يقتل منتحراً أو خلال اشتباك مع قوات الأمن العراقية أو القوات الأميركية أو حين يعتقل، إلا أنه في النهاية سيكون واحداً من اثنين: أحد أنصار صدام حسين وحزب البعث أو أحد أتباع الأصوليين التكفيريين وهو في الحالتين مضلل أوهم أن التفجير الانتحاري سيقوده إلى الجنة وأن في قتل العراقيين الأبرياء
خلاصاً للعراق من الاحتلال بزعم أن هؤلاء الضحايا يتعاونون مع قوات الاحتلال. أما في لبنان فالإرهابي مجهول الهوية فلم يتم اعتقال أي واحد من واضعي المتفجرات تلك ولم تتبن أية جهة مسؤوليتها عن هذه العمليات الإرهابية، حتى أن وزير الداخلية اللبناني قال «نواجه حالياً نوعاً من شبح، شخصاً أو جهة متخصصة تنفذ مخططاً إرهابياً»،
مقراً بعدم وجود أي خيط يقود إلى المجرمين «لأنه عندما يكون هناك شخص يحضر حقيبة مفخخة ويضعها في أي شارع ويهرب، فإن الدليل يصبح إما الحقيبة التي تنفجر وإما الشخص الذي يهرب دون أن يراه أحد». قد لا يكون مقبولاً تبرير الحكومة اللبنانية لعجزها عن مواجهة مسلسل التفجيرات هذا المتنقل بين سياسي هنا وإعلامي هناك ومركز تجاري أو شارع سكني، ولكن من السهل توجيه الانتقاد للمسؤولين لتقصيرهم،
أما الواقع فهو مختلف تماماً، نظراً لتعقيدات الواقع الأمني والسياسي في لبنان، نتيجة مرورهم في الحرب الأهلية ومن ثم الاحتلال الإسرائيلي والوجود السوري، إلى تعدد الأجهزة الأمنية واختراق هذه الأجهزة من قبل أطراف إقليمية ودولية خلال الثلاثين سنة الماضية. نأمل أن يكون الاعتداء الذي طاول الزميلة مي شدياق الأخير على أن يتم الاقتصاص من جميع هؤلاء الإرهابيين.
(hmzahem@yahoo.com)
Comments
Post a Comment