بيرنز: التغيير الديموقراطي في الشرق الأوسط من الداخل وليس مفروضاً من الخارج - تغطية: هيثم مزاحم

المستقبل - الثلاثاء 20 أيار 2003 - العدد 1300 - شؤون عربية و دولية - صفحة 13


بيرنز: التغيير الديموقراطي في الشرق الأوسط من الداخل وليس مفروضاً من الخارج


واشنطن ـ هيثم مزاحم

اعتبر مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز انه ينبغي ان تكون لمسألة تطوير الانظمة السياسية في الشرق الاوسط أولوية أكبر في اجندة الولايات المتحدة عما كانت عليه في السنوات السابقة. ورأى أنه يجب ان يكون التغيير الديموقراطي جزءا اساسيا من استراتيجية أوسع تسعى بالتوازي مع ذلك الى حل الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، وبناء عراق ديموقراطي مستقر ومزدهر، وتحديث الاقتصادات في المنطقة، مشيرا الى ان عملية الدمقرطة هي عملية تدريجية لكنها تغيير منهجي حقيقي أكثر من اجراء انتخابات. لكنه شدد على أن التغيير الديموقراطي ينبغي ان يكون من داخل المجتمعات في المنطقة ولا يمكن أن يكون موضوعا و مفروضا من الخارج.
كلام بيرنز جاء في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "لماذا الديموقراطية ولماذا الآن؟" الذي نظمه مركز دراسات الاسلام والديموقراطية في العاصمة الاميركية واشنطن يومي 16 و17 من الشهر الجاري.
وقد بدأت أعمال المؤتمر بكلمة ترحيبية من رئيس المركز الدكتور رضوان مصمودي عرف خلالها بالمركز والغاية من انشائه واهدافه التي أبرزها دراسة العلاقة بين الاسلام والديموقراطية. وقال مصمودي أنه علينا اقناع القادة السياسيين والدينيين وكذلك الشعوب بالديموقراطية وانسجامها مع الاسلام وكيف يمكن ان تساعد الديموقراطية في حل المشكلات السياسية والاقتصادية.
وتحدث رئيس مجلس ادارة المركز البروفسور علي مزروعي في كلمته عن أهمية المؤتمر وأهمية الديموقراطية التي هي أفضل ما توصلت اليه التجربة الانسانية كنظام للحكم، وأوضح أنه يؤمن بالدمج بين الديموقراطية ومبادئ العدالة الاجتماعية. واشار الى التجارب الديموقراطية في العالم الاسلامي التي لم تأخذ حقها من الدراسة والاهتمام على غرار التجربة الايرانية بعد الثورة الاسلامية، وكذلك تجربة المشاركة السياسية للمرأة في الدول الاسلامية حيث وصلت المرأة في بعض الدول الاسلامية الى رئاسة الوزراء (باكستان وبنغلادش) قبل بعض الدول الأوروبية.
وأكد مزروعي أنه يجب الا تتعرض الديموقراطية الى الافساد والانحراف عن اهدافها منبها الى ان على الولايات المتحدة أن تحرص على الحفاظ على الديموقراطية داخل البلاد قبل نشرها في أفغانستان والعراق والدول الاخرى.
بيرنز والتغيير الديموقراطي
واستهل مساعد وزير الخارجيةالاميركي وليام بيرنز كلمته بالاشادة بالناشط المصري في حقوق الانسان الدكتور سعد الدين ابراهيم الذي وصفه بأنه "رجل ذو شجاعة ونزاهة ورؤية". وقال إنه عمل ديبلوماسيا اميركيا لمدة 21 سنة خلال عهود اربع ادارات متعاقبة قضى معظمها في العمل على قضايا الشرق الاوسط، مشيرا الى أنه خلال السنوات السابقة لم تعط الولايات المتحدة الانتباه الكافي للأهمية البعيدة المدى لعملية تطور وانفتاح الانظمة السياسية المغلقة وخاصة في العالم العربي. وأكد أن التغيير الديموقراطي ليس فقط مسألة قيم أميركية أو تأمين لحقوق الانسان الاساسية انما هي ايضا مسألة مصالح أميركية مهمة.
وقال بيرنز "انا والرئيس الأميركي جورج بوش ووزير الخارجية الأميركي كولن باول نعتقد أن دعم التغيير الديموقراطي يقع في صميم مصلحتنا بعيدة المدى"، مضيفا ان دعم عملية الانفتاح السياسي هو استراتيجية اميركية جدية وواسعة في الشرق الاوسط, وان التغيير الديموقراطي هو أحد عناصر أجندة ايجابية واسعة للمنطقة تشمل اعادة بناء العراق وتحقيق رؤية الرئيس بوش لدولتين اسرائيلية وفلسطينية، وتحديث الاقتصادات العربية. اضاف "ان التغيير الديموقراطي مكوّن جوهري في جهودنا في مساعدة العراقيين لبناء مستقبل مزدهر، وهو كذلك جزء اساسي من مقاربة الرئيس (بوش) للسلام الاسرائيلي الفلسطيني، ذلك ان بناء مؤسسات سياسية قوية في اطار الاعداد لقيام دولة ليس خدمة لنا أو لأحد في الخارج، بل انه في مصلحة الفلسطينيين انفسهم"، مشيرا الى بعض الخطوات الاصلاحية التي قام بها الفلسطينيون مثل تعيين رئيس وزراء اصلاحي وتشكيل حكومة جديدة.
وأكد بيرنز أنه من دون تحديث اقتصادي جوهري وعاجل سيكون صعبا تصور تحقيق اصلاح ديموقراطي ثابت في دول المنطقة. وقال "ان التغيير الديموقراطي في معظم الدول العربية من الضروري ان يكون تدريجيا نظرا للتحديات التي تواجهه والضغوط السياسية المتراكمة وصعوبة بناء مجتمعات وحكومات ديموقراطية في اي مكان". اضاف انه يجب على الدول العربية افساح المجال لقيام مؤسسات مجتمع مدني مستقل وصحافة مستقرة ومجموعات حقوق المواطنة ومنظمات نسوية ومنظمات أخرى, كي تعمل بفاعلية معا في هذا الاطار، مشيرا الى حاجة الدول العربية الى تحسين ادائها في الحكم عبر تقليص الفساد والمحسوبية والاستجابة اكثر للحاجات اليومية للمواطنين، والعمل وفق حكم القانون، من خلال انظمة قضائية اكثر فاعلية والتزاما بالقانون، واتباع سياسة اكثر انسانية في عمل الشرطة والسجون.
ورأى بيرنز ان على القادة العرب العمل جدياً لإجراء انتخابات اكثر مشاركة ونزاهة ومنح السلطة للمؤسسات المنتخبة والتمثيلية كالبرلمانات. لكنه شدد ان على الاميركيين ان يحرصوا على ضرورة ان يكون التغيير الديموقراطي والتحديث الاقتصادي من داخل المجتمعات العربية وليس مفروضا من الخارج، مشيرا الى بدايات التغيير الديموقراطي في البحرين والاردن وقطر والمغرب، والاصلاحات الداخلية التي اقترحها ولي العهد السعودي الامير عبدالله، الى الافراج عن سعد الدين ابراهيم في مصر.
وفي الجلسة الرئيسية المسائية تحدث مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الديموقراطية وحقوق الانسان والعمل لورن كرانر الذي اشاد بدوره بسعد الدين ابراهيم وبأهمية المؤتمر وأكد التزام الولايات المتحدة دعم التغيير الديموقراطي في العالم العربي والمسلم.
كما تحدث رئيس مركز ابن خلدون سعد الدين ابراهيم عن تجربته في السجن في مصر والانسجام بين الاسلام والديموقراطية، مؤكدا ضرورة ان يسائل المسلمون والعرب الاميركيون مسؤولي الادارة الاميركية كل سنة عن انجازاتهم وتحقيقهم لوعودهم بشأن دعم التغيير الديموقراطي في العالم العربي والاسلامي.
وفي ختام الجلسة التي تحدث فيها البروفسور عبد العزيز ساشيدينا عن "الجذور الاسلامية للتعددية الديموقراطية" تم تكريم سعد الدين ابراهيم وقدم له "مركز دراسات الاسلام والديموقراطية" درع "المسلم الديموقراطي هذا العام".

Comments

Popular posts from this blog

مقامات الأنبياء والرسل في لبنان

أسباب الصراع بين المماليك والعثمانيين- مراجعة: د. هيثم مزاحم

آية الله الشيخ حسن رميتي: نؤيد التخصص في الدراسة الحوزوية