الديمقراطية اللبنانية ... بقلم :هيثم مزاحم
الديمقراطية اللبنانية ... بقلم :هيثم مزاحم
ثمة قول مشهور لرئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص يلخص فيه حالة النظام السياسي الطائفي في لبنان: «في لبنان الكثير من الحرية والقليل من الديمقراطية».
فلبنان يتمتع بحريات دينية وسياسية وإعلامية قل مثيلها في العالم العربي، تداول للسلطة يكفله الدستور الذي لا يسمح لرئيس للجمهورية بولاية ثانية بخلاف الديمقراطيات في العالم المتحضر، وانتخابات برلمانية وبلدية وقروية تتيح نسبياً للمواطنين اختيار ممثليهم في البرلمان وفي المجالس البلدية والقروية.
فيما يقوم نواب البرلمان بانتخاب رئيس الجمهورية كل ست سنوات وبتسمية رئيس للحكومة ومنح الحكومة الثقة، فضلاً عن انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه ورؤساء وأعضاء اللجان النيابية.
دستور وقوانين وأنظمة وآليات انتخابية ودستورية تتماهى مع أفضل الديمقراطيات الغربية، ولكن عيب النظام السياسي في لبنان هو في الطائفية، والتي كانت أحد أسباب الحرب الأهلية (1975- 1990) ووقودها الدائم، وظلت عاملاً من عوامل الأزمات السياسية في البلاد منذ قيام نظام القائمقامتين في جبل لبنان (1840- 1860).
والذي قاد إلى حرب أهلية بين الموارنة والدروز عام 1860 أدت إلى قيام نظام المتصرفية عام 1861 بفرض من القوى الأوروبية الكبرى آنذاك (بريطانيا وفرنسا والنمسا وروسيا وبروسيا)، ثم ما بعد قيام لبنان الكبير عام 1920 إلى ما بعد الاستقلال عام 1943 وصولا إلى اتفاق الطائف (1989) الذي أسس للجمهورية الثانية.
ويرى الوزير السابق جورج قرم ان لبنان لم يتمكن الى اليوم من استيعاب مفهوم الدولة الحديثة، فلم تطبق المبادئ الدستورية المعمول بها في الدول الأخرى، وما تفرّع عنها من بنية قانونية دستورية متينة تؤمن تلاحم الشعب بالدولة من دون هيئات وسيطة (الطوائف).
والمؤسف أن المحاصصة الطائفية التي كانت عرفاً في الدستور قبل تعديله في اتفاق الطائف أصبحت في ذلك الاتفاق نصاً مكتوباً في «الميثاق الوطني»، يكرس رئاسة الجمهورية للمسيحيين الموارنة ورئاسة الحكومة للمسلمين السنة ورئاسة المجلس النيابي للمسلمين الشيعة.
بينما يتقاسم المسلمون والمسيحيون مقاعد البرلمان والحكومة مناصفة بغض النظر عن أعدادهم الديموغرافية حالياً أو في المستقبل. ولعل ذلك هو أول انتهاك للديمقراطية القائمة على مبدأ حكم الأكثرية.
وقد قامت قيامة المسيحيين في لبنان عندما كان المسلمون يدعون إلى حكم الأكثرية مما حدا بالراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين إلى التراجع عن دعوته إلى الديمقراطية العددية في ثمانينات القرن الماضي وقبول صيغة الديمقراطية التوافقية، وهي بدعة لبنانية لإرضاء الأقليات وطمأنة المسيحيين في لبنان.
والمفارقة أن الأكثرية النيابية اليوم، التي تتشكل من قوى 14 مارس، أي «تيار المستقبل» بزعامة سعد الحريري (السني) والحزب الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط (الدرزي).
و«القوات اللبنانية» بزعامة سمير جعجع (ماروني) وبقايا «قرنة شهوان» (موارنة) والمدعوم من بطريرك الموارنة نصرالله صفير، تتحدث عن أكثرية وأقلية سواء في البرلمان أو الحكومة وهو ما جعل خصومها من حزب الله وأمل الشيعيين و«التيار الوطني الحر» بزعامة ميشال عون وحلفائهم إلى الاعتراض ووصفها بـ «الأكثرية الوهمية».
فهذا أمين عام حزب الله حسن نصرالله يدعو إلى التوافق وترك منطق الأكثرية والأقلية والعودة إلى شعار «لا غالب ولا مغلوب»، إذ أن بمنطق الأكثرية يشكل المسلمون ثلثي عدد سكان لبنان على الأقل بينما يشكل الشيعة نحو 40 في المئة من السكان، فيما قد لا يشكل الدروز أكثر من 7 في المئة من اللبنانيين.
من هنا فإن تحالف أمل وحزب الله مع تيار عون، الذي يحظى بتأييد ثلثي المسيحيين، وحلفائهم يوازي إن لم يكن يفوق عددياً وتمثيلاً «قوى 14 مارس».
والغريب أن هذه القوى تصر على الإطاحة برئيس الجمهورية إميل لحود رغم إدراكها بأنها لا تملك غالبية الثلثين في البرلمان المطلوبة لذلك الإجراء الدستوري، بينما هي تطعن بالتمديد للحود بالقول انه تم تهديد النواب وتعرضهم لضغوط سورية كي يصوتوا للتمديد، وهو أمر صحيح، ولكن المعروف ايضاً أن عدداً من النواب بينهم جنبلاط وكتلته قد تحدوا هذه الضغوط وصوتوا ضد التمديد.
ولا بد من الإشارة إلى أن الرئيس الحص قد رفض ضغوطاً سورية للترشح في قائمة واحدة مع الرئيس رفيق الحريري في انتخابات عام 2000، وهو ما أدى إلى خسارته مقعده الانتخابي في بيروت.
البيان الإماراتية
ثمة قول مشهور لرئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص يلخص فيه حالة النظام السياسي الطائفي في لبنان: «في لبنان الكثير من الحرية والقليل من الديمقراطية».
فلبنان يتمتع بحريات دينية وسياسية وإعلامية قل مثيلها في العالم العربي، تداول للسلطة يكفله الدستور الذي لا يسمح لرئيس للجمهورية بولاية ثانية بخلاف الديمقراطيات في العالم المتحضر، وانتخابات برلمانية وبلدية وقروية تتيح نسبياً للمواطنين اختيار ممثليهم في البرلمان وفي المجالس البلدية والقروية.
فيما يقوم نواب البرلمان بانتخاب رئيس الجمهورية كل ست سنوات وبتسمية رئيس للحكومة ومنح الحكومة الثقة، فضلاً عن انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه ورؤساء وأعضاء اللجان النيابية.
دستور وقوانين وأنظمة وآليات انتخابية ودستورية تتماهى مع أفضل الديمقراطيات الغربية، ولكن عيب النظام السياسي في لبنان هو في الطائفية، والتي كانت أحد أسباب الحرب الأهلية (1975- 1990) ووقودها الدائم، وظلت عاملاً من عوامل الأزمات السياسية في البلاد منذ قيام نظام القائمقامتين في جبل لبنان (1840- 1860).
والذي قاد إلى حرب أهلية بين الموارنة والدروز عام 1860 أدت إلى قيام نظام المتصرفية عام 1861 بفرض من القوى الأوروبية الكبرى آنذاك (بريطانيا وفرنسا والنمسا وروسيا وبروسيا)، ثم ما بعد قيام لبنان الكبير عام 1920 إلى ما بعد الاستقلال عام 1943 وصولا إلى اتفاق الطائف (1989) الذي أسس للجمهورية الثانية.
ويرى الوزير السابق جورج قرم ان لبنان لم يتمكن الى اليوم من استيعاب مفهوم الدولة الحديثة، فلم تطبق المبادئ الدستورية المعمول بها في الدول الأخرى، وما تفرّع عنها من بنية قانونية دستورية متينة تؤمن تلاحم الشعب بالدولة من دون هيئات وسيطة (الطوائف).
والمؤسف أن المحاصصة الطائفية التي كانت عرفاً في الدستور قبل تعديله في اتفاق الطائف أصبحت في ذلك الاتفاق نصاً مكتوباً في «الميثاق الوطني»، يكرس رئاسة الجمهورية للمسيحيين الموارنة ورئاسة الحكومة للمسلمين السنة ورئاسة المجلس النيابي للمسلمين الشيعة.
بينما يتقاسم المسلمون والمسيحيون مقاعد البرلمان والحكومة مناصفة بغض النظر عن أعدادهم الديموغرافية حالياً أو في المستقبل. ولعل ذلك هو أول انتهاك للديمقراطية القائمة على مبدأ حكم الأكثرية.
وقد قامت قيامة المسيحيين في لبنان عندما كان المسلمون يدعون إلى حكم الأكثرية مما حدا بالراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين إلى التراجع عن دعوته إلى الديمقراطية العددية في ثمانينات القرن الماضي وقبول صيغة الديمقراطية التوافقية، وهي بدعة لبنانية لإرضاء الأقليات وطمأنة المسيحيين في لبنان.
والمفارقة أن الأكثرية النيابية اليوم، التي تتشكل من قوى 14 مارس، أي «تيار المستقبل» بزعامة سعد الحريري (السني) والحزب الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط (الدرزي).
و«القوات اللبنانية» بزعامة سمير جعجع (ماروني) وبقايا «قرنة شهوان» (موارنة) والمدعوم من بطريرك الموارنة نصرالله صفير، تتحدث عن أكثرية وأقلية سواء في البرلمان أو الحكومة وهو ما جعل خصومها من حزب الله وأمل الشيعيين و«التيار الوطني الحر» بزعامة ميشال عون وحلفائهم إلى الاعتراض ووصفها بـ «الأكثرية الوهمية».
فهذا أمين عام حزب الله حسن نصرالله يدعو إلى التوافق وترك منطق الأكثرية والأقلية والعودة إلى شعار «لا غالب ولا مغلوب»، إذ أن بمنطق الأكثرية يشكل المسلمون ثلثي عدد سكان لبنان على الأقل بينما يشكل الشيعة نحو 40 في المئة من السكان، فيما قد لا يشكل الدروز أكثر من 7 في المئة من اللبنانيين.
من هنا فإن تحالف أمل وحزب الله مع تيار عون، الذي يحظى بتأييد ثلثي المسيحيين، وحلفائهم يوازي إن لم يكن يفوق عددياً وتمثيلاً «قوى 14 مارس».
والغريب أن هذه القوى تصر على الإطاحة برئيس الجمهورية إميل لحود رغم إدراكها بأنها لا تملك غالبية الثلثين في البرلمان المطلوبة لذلك الإجراء الدستوري، بينما هي تطعن بالتمديد للحود بالقول انه تم تهديد النواب وتعرضهم لضغوط سورية كي يصوتوا للتمديد، وهو أمر صحيح، ولكن المعروف ايضاً أن عدداً من النواب بينهم جنبلاط وكتلته قد تحدوا هذه الضغوط وصوتوا ضد التمديد.
ولا بد من الإشارة إلى أن الرئيس الحص قد رفض ضغوطاً سورية للترشح في قائمة واحدة مع الرئيس رفيق الحريري في انتخابات عام 2000، وهو ما أدى إلى خسارته مقعده الانتخابي في بيروت.
البيان الإماراتية
Comments
Post a Comment