غراهام فولر: واشنطن تواجه مأزقاً في العراق وتحاول إخافة إيران وسوريا
المحلّل الاستراتيجي الأميركي غراهام فولر لـ "المستقبل":
واشنطن تواجه مأزقاً في العراق وتحاول إخافة إيران وسوريا
ميريلاند ـ هيثم مزاحم
غراهام فولر باحث استراتيجي أميركي ومحلل مختص بشؤون العالم الإسلامي وهو أحد كبار المستشارين السياسيين في مؤسسة "راند" للدراسات في واشنطن. شغل منصب نائب رئيس مجلس الاستخبارات القومي في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (ءة). وقد عمل في السلك الديبلوماسي لأكثر من 20 عاماً في دول عدة معظمها إسلامية كتركيا واليمن والسعودية ولبنان وأفغانستان. ولفولر كتب ومقالات عدة حول آسيا الوسطى وتركيا وإيران والعراق والإسلام السياسي في الجزائر والعراق وصدر له كتابان في الفترة الأخيرة هما: "الشيعة العرب: آخر المنسيين"، "مستقبل الإسلام السياسي".
يقول فولر في حوار أجرته معه "المستقبل" في منزله في ولاية ميريلاند إن وضع الإدارة الأميركية في العراق حالياً صعب للغاية لأن أي قرار يتخذه الحاكم بوب بريمر سيجلب له أعداء من هنا أو هناك، وأفضل حاكم سيكون صعباً جداً عليه إعادة بناء العراق وبناء النظام السياسي الجديد فيه، وكذلك من الصعب جداً الأختيار بين السنة والشيعة والأكراد، ويعتقد أن الولايات المتحدة تواجه مأزقاً لأنه إذا أرادت بناء مؤسسات مجتمع مدني فإن ذلك يستغرق 3 ـ 4 سنوات، ولكن من جهة مقابلة فإن البقاء 3 ـ 4 سنوات في العراق مكلف سياسياً، "فالكثير من العراقيين قد يصبح غاضباً وغير صابر ويريدون تسلم السلطة بسرعة. ولكن إذا غادرت الولايات المتحدة خلال ثلاثة أو أربعة أشهر فعندها سوف تعم الفوضى ولن تبنى مؤسسات، وسيكون الأمر أكثر صعوبة إذا أراد العراقيون بناء هذه المؤسسات وحدهم". لذلك يرى أنه اختيار صعب بين أن يكون الاحتلال طويلاً أو قصيراً من أجل بناء هذه المؤسسات. وهو يطلق على هذه الحال وصف "اللاربح" أي مهما تعمل لا تربح.
وحول رغبة الولايات المتحدة في ترك العراقيين يختارون حكومتهم بأنفسهم أو ممارسة الضغط عليها لقيام حكومة وفقاً لمصالحها، يقول فولر "أن واشنطن تريد أن يتعاون قادة العراق معها، ولكن في المدى الطويل أي حكومة عراقية يجب عليها أن تكون مستقلة، فإذا قامت فقط بما تريده واشنطن فلن تكون لها شرعية وسيرفضها الشعب العراقي. ولكن ربما لسنة واحدة أو أكثر يمكن قيام حكومة معيّنة جزئياً من قبل الأميركيين وليست ديموقراطية بشكل كامل". ويشير الى أن الشيعة يمثلون المشكلة الأكبر بالنسبة للأميركيين لأن أميركا في أعين الشيعة تقف بينهم وبين رغبتهم في الإمساك بالسلطة في العراق، لكونهم الأغلبية ويريدون ان يروا الولايات المتحدة تغادر العراق سريعاً"، ويرى "أن هناك اتجاهات سياسية عدة بين الشيعة، البعض موال لإيران والبعض الآخر أكثر ديموقراطية والبعض الثالث يؤمن بولاية الفقيه وهو فريق صغير، فثمة خليط سياسي داخل الشيعة إذ يوجد كذلك علمانيون شيعة وشيعة ليبراليون".
وعما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض حكاماً على العراق على غرار أحمد الجلبي لايتمتعون بشعبية ولكنهم مرتبطون بها أو يحققون مصالحها يقول الباحث الأميركي "بالنسبة لأميركا فإن الفائدة من أحمد الجبلي هو أنه متعلم جيداً وعلماني وهم يعرفونه جيداً، لذلك أعتقد أنهم يأملون في أن يكون صوت نافذ في العراق". لكنه لا يتوقع أن يكون الجلبي مؤهلاً لقيادة الشيعة مستدركاً ربما يكون دوره مهماً لسنة أو سنتين خلال فترة حكم الإدارة الأميركية لكنه لن يكون له التأييد القوي بين الشيعة من المدى الطويل، إذ أن رجال الدين سيكون لهم الدور المهيمن لدى الشيعة لبعض الوقت".
وعما إذا كان يعتقد أن الولايات المتحدة ستكون سعيدة برؤية الشيعة يحتلون مساحة كبيرة في الحكم أم ستعمل على سياسة "فرق تسد" كما قال مارتن أنديك، يذهب المسؤول الأميركي السابق "أعتقد أن ثمة خلافاً داخل الإدارة بشأن العراق فالبعض يريد رؤية بناء عراق ديموقراطي وناجح يكون نموذجاً للمستقبل على غرار بول وولفوفيتر وكولن باول. لكن هناك بعض السياسيين أو البراغماتيين الذين يخشون من أن تطبيق الديموقراطية قد يجلب بعض الراديكاليين العراقيين الى الحكم، وهم لا يرغبون في استبدال صدام برجال دين أو إسلاميين راديكاليين، وأنا متأكد من أن الإدارة الأميركية ستمنع أي تيار راديكالي إسلامي من الوصول الى السلطة حتى لو جاء عبر الانتخابات. ولكن بعد رحيل واشنطن من العراق سيكون الواقع مفتوحاً وأعتقد ان الشيعة سيتعاونون على الأرجح لبعض الوقت مع الولايات المتحدة".
ويؤكد فولر أن الشيعة العراقيين في غالبيتهم "لا يطالبون بدولة إسلامية على غرار إيران فهم يعرفون أنه لا يمكن فرض نظام ولاية الفقيه على العراق مع وجود السنة والأكراد، فصعب جداً قيام دولة إسلامية من جانب واحد"، مشيرا الى أنه يعتقد أن النظام العلماني ممكن تطبيقه في العراق بسبب تعدد القومية الدينية والعراقية فيه.
وعن تقسيم العراق الى أجزاء إدارية (كردي في الشمال وشيعي في الجنوب وسني في الوسط)، يجيب الخبير الأميركي أنه "توجد أنواع عدة من الأنظمة الديموقراطية بينها النظام الفيدرالي بحيث يمكن تقسيم البلاد الى قسمين أو حتى أقسام عدة والأفضل أن تكون مختلطة لأنه إذا كانت هناك ثلاثة أقسام هي الكردي والسني والشيعي فإن ذلك سيكون نوعاً من الانفصال لأن كل قسم سوف يفكر في مصالحه الخاصة، لكن إذا كان لديك ولايات بعضها ذو أغلبية سنية والبعض الأخر ذو أغلبية شيعية ولكنها مختلطة فعندها يكون عليها أن تتعاون في ما بينها من أجل مصالحها المشتركة".
وحول ما إذا كان العراق سيبقى جزءاً من النظام العربي أم أنه سيكون بلداً منعزلاً عن العالم العربي على غرار إسرائيل أو تركيا في الشرق الأوسط، يقول فولر "إن الهوية العراقية عميقة جداً وهي من أقدم الهويات في العالم فهي تعود الى حضارة بلاد ما بين النهرين على غرار حضارة النيل وحضارة بلاد الشام"، مؤكدا أن العراق سيبقى منتمياً للعالم العربي وسيبقى منتمياً للهوية والثقافة العربيتين وسيكون فخوراً بكونه عربياً. "لكن ستبقى له خصوصيته من حيث التعددية الثقافية العرقية والدينية وعلى العرب أن يفهموا هذه الخصوصية (...) ولا أظن أن العراق سيكون دمية في يد الولايات المتحدة لوقت طويل".
وحول معلوماته عن السقوط السريع لبغداد وهل كان ثمة صفقة مع الحرس الجمهوري، قال فولر "لا أظن أنه كان ثمة صفقة في ذلك. ولو حصلت صفقة لكنا سمعنا عنها في هذه البلاد بسرعة إذ لا توجد أسرار في واشنطن. ربما جرت صفقة مع بعض الوحدات لكن الانهيار الكبير سببه أن الجيش العراقي كان ضعيفاً تماماً وأعتقد أن العراقيين حاولوا المقاومة من خلال عمليات انتحارية ولا أرى أية صفقة".
وعن إحتمال أن تستخدم الولايات المتحدة الأميركية النظام العراقي الجديد ضد إيران، قال "إن الولايات المتحدة تحاول تخويف إيران من خلال الحرب على العراق وقد نجحت في جعل إيران أكثر حذراً لوقت ما. وقد أخافوا سوريا لجعلها أكثر حذرا. وربما أرعبوا بلداناً أخرى كذلك". وأضاف "رامسفيلد يحاول أن يغير سلوك إيران من خلال تفزيعها، "فهم يجربون لعبة الشرطي الطيب والشرطي السيء، فيقوم البعض بقول شيء جيد عن إيران ثم يقوم رامسفيلد في اليوم التالي بقول شيء سيء ويستمر العمل بالطريقين. أعتقد أن على أميركا أن تتعامل مع الحقائق في إيران (...)، إذا كانت إيران تأوي حقاً بعض عناصر "القاعدة" في أراضيها فهذا منتهى الغباء. لكنني أظن أن إيواء عناصر من "القاعدة" في إيران ليست مسألة جدية. ربما بعض المتشددين الإيرانيين من الأجهزة الأمنية لهم بعض الصلات مع "القاعدة" لكنني لا أرى ذلك أمراً جدياً. وإيران لا تكن وداً لتنظيم القاعدة".
وإعتبر أن الملف النووي الإيراني يمثل هدفاً جدياً تماماً بالنسبة للإدارة الأميركية، "ربما الهدف الأول لهم في إيران هو وقف المشروع النووي وإذا استجاب الإيرانيون فالمسائل الأخرى ليست ذات أهمية. لكنني لا أتوقع أن تشن الولايات المتحدة حرباً ضد إيران بل يحتمل أن تضرب بعض المنشآت النووية الإيرانية".
وحول إحتمال إعادة استئناف العلاقات بين واشنطن وطهران، قال فولر "نعم بعض المتشددين ورجال الدين في إيران لا يريدون القيام بتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة لأنها مسألة تقلل من شرعيتهم الثورية. لكن إذا تم حل المشكلة النووية الإيرانية يمكن تحسين العلاقات بين البلدين. أعرف أعضاء في الإدارة يريدون تحسين العلاقات بين البلدين لأنهم يرونها مهمة للمنطقة فيما يوجد آخرون لا يريدون ذلك. لكن أعتقد أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على تغيير النظام في إيران".
أما أبرز العقبات لتطبيع العلاقات بين البلدين في نظره فهي دعم إيران للإرهاب، والمشكلة النووية، وموقف طهران من القضية الفلسطينية. "فإذا أصبحت إيران اقل تورطاً في هذه المسائل سيكون أسهل تحسين العلاقات، لكن المتشددين الإيرانيين لهم شكوكهم وإذا لم يعد لديهم العدو الأميركي سيكون صعباً الاستمرار في فرض نظام ديكتاتوري".
وحول التحديات بالنسبة لسوريا، قال المسؤول الأميركي السابق "أميركا تريد أيضاً إفزاع سوريا الآن ولا أعتقد أن الولايات المتحدة قد تقوم بعمل عسكري حالياً ضد سوريا، وأشك أنهم سيحاولون تغيير النظام في سوريا بشكل مباشر. نعم سيمارسون ضغوطاً على سوريا لوقف دعمها لحركتي حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية الأخرى وحزب الله. وربما سيمارسون ضغوطاً عليها للانسحاب من لبنان. وأتوقع أننا سنشهد ضغوطاً من هذا القبيل. ولكن لا اظن أنهم سينجحون في هذه المهمات فهم لا يمكنهم إبعاد حزب الله وهم يعرفون ذلك. إنما يحاولون إزالة الضغط عن إسرائيل وجعل وجود سوريا في لبنان ضعيفاً وجعل دعمها لحزب الله ضعيفاً. هذا هو الهدف الأساسي في الوقت الراهن".
واشنطن تواجه مأزقاً في العراق وتحاول إخافة إيران وسوريا
ميريلاند ـ هيثم مزاحم
غراهام فولر باحث استراتيجي أميركي ومحلل مختص بشؤون العالم الإسلامي وهو أحد كبار المستشارين السياسيين في مؤسسة "راند" للدراسات في واشنطن. شغل منصب نائب رئيس مجلس الاستخبارات القومي في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (ءة). وقد عمل في السلك الديبلوماسي لأكثر من 20 عاماً في دول عدة معظمها إسلامية كتركيا واليمن والسعودية ولبنان وأفغانستان. ولفولر كتب ومقالات عدة حول آسيا الوسطى وتركيا وإيران والعراق والإسلام السياسي في الجزائر والعراق وصدر له كتابان في الفترة الأخيرة هما: "الشيعة العرب: آخر المنسيين"، "مستقبل الإسلام السياسي".
يقول فولر في حوار أجرته معه "المستقبل" في منزله في ولاية ميريلاند إن وضع الإدارة الأميركية في العراق حالياً صعب للغاية لأن أي قرار يتخذه الحاكم بوب بريمر سيجلب له أعداء من هنا أو هناك، وأفضل حاكم سيكون صعباً جداً عليه إعادة بناء العراق وبناء النظام السياسي الجديد فيه، وكذلك من الصعب جداً الأختيار بين السنة والشيعة والأكراد، ويعتقد أن الولايات المتحدة تواجه مأزقاً لأنه إذا أرادت بناء مؤسسات مجتمع مدني فإن ذلك يستغرق 3 ـ 4 سنوات، ولكن من جهة مقابلة فإن البقاء 3 ـ 4 سنوات في العراق مكلف سياسياً، "فالكثير من العراقيين قد يصبح غاضباً وغير صابر ويريدون تسلم السلطة بسرعة. ولكن إذا غادرت الولايات المتحدة خلال ثلاثة أو أربعة أشهر فعندها سوف تعم الفوضى ولن تبنى مؤسسات، وسيكون الأمر أكثر صعوبة إذا أراد العراقيون بناء هذه المؤسسات وحدهم". لذلك يرى أنه اختيار صعب بين أن يكون الاحتلال طويلاً أو قصيراً من أجل بناء هذه المؤسسات. وهو يطلق على هذه الحال وصف "اللاربح" أي مهما تعمل لا تربح.
وحول رغبة الولايات المتحدة في ترك العراقيين يختارون حكومتهم بأنفسهم أو ممارسة الضغط عليها لقيام حكومة وفقاً لمصالحها، يقول فولر "أن واشنطن تريد أن يتعاون قادة العراق معها، ولكن في المدى الطويل أي حكومة عراقية يجب عليها أن تكون مستقلة، فإذا قامت فقط بما تريده واشنطن فلن تكون لها شرعية وسيرفضها الشعب العراقي. ولكن ربما لسنة واحدة أو أكثر يمكن قيام حكومة معيّنة جزئياً من قبل الأميركيين وليست ديموقراطية بشكل كامل". ويشير الى أن الشيعة يمثلون المشكلة الأكبر بالنسبة للأميركيين لأن أميركا في أعين الشيعة تقف بينهم وبين رغبتهم في الإمساك بالسلطة في العراق، لكونهم الأغلبية ويريدون ان يروا الولايات المتحدة تغادر العراق سريعاً"، ويرى "أن هناك اتجاهات سياسية عدة بين الشيعة، البعض موال لإيران والبعض الآخر أكثر ديموقراطية والبعض الثالث يؤمن بولاية الفقيه وهو فريق صغير، فثمة خليط سياسي داخل الشيعة إذ يوجد كذلك علمانيون شيعة وشيعة ليبراليون".
وعما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض حكاماً على العراق على غرار أحمد الجلبي لايتمتعون بشعبية ولكنهم مرتبطون بها أو يحققون مصالحها يقول الباحث الأميركي "بالنسبة لأميركا فإن الفائدة من أحمد الجبلي هو أنه متعلم جيداً وعلماني وهم يعرفونه جيداً، لذلك أعتقد أنهم يأملون في أن يكون صوت نافذ في العراق". لكنه لا يتوقع أن يكون الجلبي مؤهلاً لقيادة الشيعة مستدركاً ربما يكون دوره مهماً لسنة أو سنتين خلال فترة حكم الإدارة الأميركية لكنه لن يكون له التأييد القوي بين الشيعة من المدى الطويل، إذ أن رجال الدين سيكون لهم الدور المهيمن لدى الشيعة لبعض الوقت".
وعما إذا كان يعتقد أن الولايات المتحدة ستكون سعيدة برؤية الشيعة يحتلون مساحة كبيرة في الحكم أم ستعمل على سياسة "فرق تسد" كما قال مارتن أنديك، يذهب المسؤول الأميركي السابق "أعتقد أن ثمة خلافاً داخل الإدارة بشأن العراق فالبعض يريد رؤية بناء عراق ديموقراطي وناجح يكون نموذجاً للمستقبل على غرار بول وولفوفيتر وكولن باول. لكن هناك بعض السياسيين أو البراغماتيين الذين يخشون من أن تطبيق الديموقراطية قد يجلب بعض الراديكاليين العراقيين الى الحكم، وهم لا يرغبون في استبدال صدام برجال دين أو إسلاميين راديكاليين، وأنا متأكد من أن الإدارة الأميركية ستمنع أي تيار راديكالي إسلامي من الوصول الى السلطة حتى لو جاء عبر الانتخابات. ولكن بعد رحيل واشنطن من العراق سيكون الواقع مفتوحاً وأعتقد ان الشيعة سيتعاونون على الأرجح لبعض الوقت مع الولايات المتحدة".
ويؤكد فولر أن الشيعة العراقيين في غالبيتهم "لا يطالبون بدولة إسلامية على غرار إيران فهم يعرفون أنه لا يمكن فرض نظام ولاية الفقيه على العراق مع وجود السنة والأكراد، فصعب جداً قيام دولة إسلامية من جانب واحد"، مشيرا الى أنه يعتقد أن النظام العلماني ممكن تطبيقه في العراق بسبب تعدد القومية الدينية والعراقية فيه.
وعن تقسيم العراق الى أجزاء إدارية (كردي في الشمال وشيعي في الجنوب وسني في الوسط)، يجيب الخبير الأميركي أنه "توجد أنواع عدة من الأنظمة الديموقراطية بينها النظام الفيدرالي بحيث يمكن تقسيم البلاد الى قسمين أو حتى أقسام عدة والأفضل أن تكون مختلطة لأنه إذا كانت هناك ثلاثة أقسام هي الكردي والسني والشيعي فإن ذلك سيكون نوعاً من الانفصال لأن كل قسم سوف يفكر في مصالحه الخاصة، لكن إذا كان لديك ولايات بعضها ذو أغلبية سنية والبعض الأخر ذو أغلبية شيعية ولكنها مختلطة فعندها يكون عليها أن تتعاون في ما بينها من أجل مصالحها المشتركة".
وحول ما إذا كان العراق سيبقى جزءاً من النظام العربي أم أنه سيكون بلداً منعزلاً عن العالم العربي على غرار إسرائيل أو تركيا في الشرق الأوسط، يقول فولر "إن الهوية العراقية عميقة جداً وهي من أقدم الهويات في العالم فهي تعود الى حضارة بلاد ما بين النهرين على غرار حضارة النيل وحضارة بلاد الشام"، مؤكدا أن العراق سيبقى منتمياً للعالم العربي وسيبقى منتمياً للهوية والثقافة العربيتين وسيكون فخوراً بكونه عربياً. "لكن ستبقى له خصوصيته من حيث التعددية الثقافية العرقية والدينية وعلى العرب أن يفهموا هذه الخصوصية (...) ولا أظن أن العراق سيكون دمية في يد الولايات المتحدة لوقت طويل".
وحول معلوماته عن السقوط السريع لبغداد وهل كان ثمة صفقة مع الحرس الجمهوري، قال فولر "لا أظن أنه كان ثمة صفقة في ذلك. ولو حصلت صفقة لكنا سمعنا عنها في هذه البلاد بسرعة إذ لا توجد أسرار في واشنطن. ربما جرت صفقة مع بعض الوحدات لكن الانهيار الكبير سببه أن الجيش العراقي كان ضعيفاً تماماً وأعتقد أن العراقيين حاولوا المقاومة من خلال عمليات انتحارية ولا أرى أية صفقة".
وعن إحتمال أن تستخدم الولايات المتحدة الأميركية النظام العراقي الجديد ضد إيران، قال "إن الولايات المتحدة تحاول تخويف إيران من خلال الحرب على العراق وقد نجحت في جعل إيران أكثر حذراً لوقت ما. وقد أخافوا سوريا لجعلها أكثر حذرا. وربما أرعبوا بلداناً أخرى كذلك". وأضاف "رامسفيلد يحاول أن يغير سلوك إيران من خلال تفزيعها، "فهم يجربون لعبة الشرطي الطيب والشرطي السيء، فيقوم البعض بقول شيء جيد عن إيران ثم يقوم رامسفيلد في اليوم التالي بقول شيء سيء ويستمر العمل بالطريقين. أعتقد أن على أميركا أن تتعامل مع الحقائق في إيران (...)، إذا كانت إيران تأوي حقاً بعض عناصر "القاعدة" في أراضيها فهذا منتهى الغباء. لكنني أظن أن إيواء عناصر من "القاعدة" في إيران ليست مسألة جدية. ربما بعض المتشددين الإيرانيين من الأجهزة الأمنية لهم بعض الصلات مع "القاعدة" لكنني لا أرى ذلك أمراً جدياً. وإيران لا تكن وداً لتنظيم القاعدة".
وإعتبر أن الملف النووي الإيراني يمثل هدفاً جدياً تماماً بالنسبة للإدارة الأميركية، "ربما الهدف الأول لهم في إيران هو وقف المشروع النووي وإذا استجاب الإيرانيون فالمسائل الأخرى ليست ذات أهمية. لكنني لا أتوقع أن تشن الولايات المتحدة حرباً ضد إيران بل يحتمل أن تضرب بعض المنشآت النووية الإيرانية".
وحول إحتمال إعادة استئناف العلاقات بين واشنطن وطهران، قال فولر "نعم بعض المتشددين ورجال الدين في إيران لا يريدون القيام بتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة لأنها مسألة تقلل من شرعيتهم الثورية. لكن إذا تم حل المشكلة النووية الإيرانية يمكن تحسين العلاقات بين البلدين. أعرف أعضاء في الإدارة يريدون تحسين العلاقات بين البلدين لأنهم يرونها مهمة للمنطقة فيما يوجد آخرون لا يريدون ذلك. لكن أعتقد أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على تغيير النظام في إيران".
أما أبرز العقبات لتطبيع العلاقات بين البلدين في نظره فهي دعم إيران للإرهاب، والمشكلة النووية، وموقف طهران من القضية الفلسطينية. "فإذا أصبحت إيران اقل تورطاً في هذه المسائل سيكون أسهل تحسين العلاقات، لكن المتشددين الإيرانيين لهم شكوكهم وإذا لم يعد لديهم العدو الأميركي سيكون صعباً الاستمرار في فرض نظام ديكتاتوري".
وحول التحديات بالنسبة لسوريا، قال المسؤول الأميركي السابق "أميركا تريد أيضاً إفزاع سوريا الآن ولا أعتقد أن الولايات المتحدة قد تقوم بعمل عسكري حالياً ضد سوريا، وأشك أنهم سيحاولون تغيير النظام في سوريا بشكل مباشر. نعم سيمارسون ضغوطاً على سوريا لوقف دعمها لحركتي حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية الأخرى وحزب الله. وربما سيمارسون ضغوطاً عليها للانسحاب من لبنان. وأتوقع أننا سنشهد ضغوطاً من هذا القبيل. ولكن لا اظن أنهم سينجحون في هذه المهمات فهم لا يمكنهم إبعاد حزب الله وهم يعرفون ذلك. إنما يحاولون إزالة الضغط عن إسرائيل وجعل وجود سوريا في لبنان ضعيفاً وجعل دعمها لحزب الله ضعيفاً. هذا هو الهدف الأساسي في الوقت الراهن".
Comments
Post a Comment