محاكمة إسرائيل دولياً ـ هيثم مزاحم

محاكمة إسرائيل دولياً
المصدر: هيثم مزاحم
التاريخ: 20 سبتمبر 2005



خشي القائد السابق لمنطقة جنوب إسرائيل الجنرال الاحتياطي دورون ألموغ الأحد الماضي النزول من طائرة شركة «العال» الإسرائيلية في مطار هيثرو الدولي قرب لندن، خوفا من التعرض للتوقيف، بعدما أبلغته وزارة الخارجية الإسرائيلية خلال الرحلة إلى لندن أنه تم تقديم شكوى ضده في إحدى محاكم لندن بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد فلسطينيين.

وبقي الجنرال ألموغ في الطائرة خوفاً من التعرض للتوقيف ثم عاد إلى إسرائيل إذ أن قاضياً بريطانياً أصدر مذكرة إحضار بناء على دعوى قدمها في لندن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة.وذكرت مصادر إسرائيلية أن خطر التوقيف يتهدد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حلوتس وسلفه موشي يعلون وعشرة عسكريين إسرائيليين كبار بالتهمة نفسها،

والتي تنطلق من قصف سلاح الجوي الإسرائيلي لمبنى في غزة في يوليو 2002 بصاروخ يزن طناً مما أدى إلى وقوع مجزرة قتل خلالها 15 فلسطينياً بينهم تسعة أطفال وجرح 150 آخرين.وقد أعلنت وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني في محاولة لطمأنة القادة الإسرائيليين، أن الحكومة «ستؤمن الدفاع عن أي شخص يلاحق على أفعال ارتكبها» باسم إسرائيل، خاصة في قمع الانتفاضة الفلسطينية.

وأعادت هذه القضية إلى الأذهان الدعوى التي رفعها في بروكسل قبل ثلاثة أعوام ناجون وأهالي ضحايا فلسطينيين ولبنانيين في مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا ضد أرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، والذي كان يشغل منصب وزير الدفاع أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 والذي اعتبر مسؤولاً عن هذه المجزرة التي تمت في سبتمبر 1982 بإشراف وحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي.

فقد أثارت الدعوى تلك مشكلة ديبلوماسية بين بلجيكا وإسرائيل بعدما طالب القضاء البلجيكي آنذاك بتوقيف شارون لاستجوابه، الأمر الذي جعل البرلمان البلجيكي يعدل قانونه الجزائي، الذي كان يجيز محاكمة المسؤولين الأجانب في أراضيه إذا ارتكبوا جرائم حرب أو ضد الإنسانية، فيحرم قضاءه هذا الحق إكراماً لشارون وغيره من المسؤولين الإسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم حرب ضد فلسطينيين ولبنانيين.

طبعاً رضخت الحكومة البلجيكية لضغوط سياسية أميركية وإسرائيلية وفضلت إرضاء الظالم والمجرم والتضحية بالمظلوم والضحية. والأرجح أن تلاقي هذه الدعوى ضد مسؤولين إسرائيليين في محكمة بريطانية نفس مصير الدعوى التي رفعت ضد شارون في بروكسل،

وذلك نتيجة الضغوط السياسية الإسرائيلية والأميركية المتوقعة على الحكومة البريطانية التي ستمارس بدورها ضغوطاً على القضاء البريطاني الذي يفترض أن يكون مستقلاً ويرفض أي تدخلات سياسية في عمله، لكن يبقى للحكومة البريطانية هامش للتحرك لإبطال أية مفاعيل قانونية لهذه الدعوى.

ومع تقديرنا للجهود التي يقوم بها بعض الناشطين الحقوقيين العرب والغربيين لملاحقة مجرمي الحرب الأميركيين في محاكم أوروبية وغربية، إلا أن أقصى ما يمكن أن تؤدي إليه هذه الدعاوى القانونية هو تسليط الضوء إعلامياً على جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني أمام الرأي العام الغربي،

خاصة بعدما استغلت إسرائيل اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة والحرب الأميركية- الأوروبية على الإرهاب، فصورت العمليات الفدائية الفلسطينية وخاصة التفجيرات في المقاهي والمطاعم ووسائل النقل الإسرائيلية بأنها عمليات «إرهابية» وصورت نفسها بأنها ضحية الإرهاب.

ولا داعي للتذكير بقضية جدار الفصل العنصري الإسرائيلي في الضفة الغربية، والتي رفعتها السلطة الفلسطينية ودول عربية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، فأعلنت المحكمة في قرار لها بأن هذا الجدار غير شرعي ويجب إزالته وتعويض المتضررين منه. ولكن القرارات الدولية لا تطبقها إسرائيل ولا ينبري ما يسمى بالمجتمع الدولي (الذي يختصر بأميركا والاتحاد الأوروبي وكأن الدول الأخرى من المريخ)- لإرغامها على تنفيذها سواء بالقوة أو عبر فرض عقوبات سياسية واقتصادية.

hmzahem@yahoo.com

Comments

Popular posts from this blog

مقامات الأنبياء والرسل في لبنان

أسباب الصراع بين المماليك والعثمانيين- مراجعة: د. هيثم مزاحم

آية الله الشيخ حسن رميتي: نؤيد التخصص في الدراسة الحوزوية