المحامي الأميركي ستانلي كوهين: سنحاكم اسرائيل على جرائمها ضد الفلسطييين أمام المحكمة الأميركية
المستقبل - الجمعة 30 أيار 2003 - العدد 1308 - شؤون عربية و دولية - صفحة 15
المحامي الأميركي اليهودي المعادي للصهيونية ستانلي كوهين لـ "المستقبل":
سنحاكم اسرائيل على جرائمها ضد الفلسطينيين
أمام المحكمة الأميركية بموجب قانون الإرهاب
نيويورك ـ هيثم مزاحم
ستانلي كوهين (48 عاماً) محامٍ أميركي يهودي معادٍ للصهيونية، نشأ نشأة دينية في عائلة يهودية أرثوذكسية ودرس في مدرسة يهودية عبرية، لكنه يعتبر نفسه الآن يهودياً علمانياً ويسارياً، وهو يقيم في مدينة نيويورك حيث الانتشار الواسع لليهود والنفوذ الهائل للمنظمات الصهيونية. بعد تخرجه محامياً عام 1983 تبرع في تقديم خدمات قانونية مجانية للمحتاجين وخاصة الهنود الأميركيين. وقد أثار كوهين جدلاً بسبب تبنيه قضايا الدفاع عن العرب والمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية وخاصة العرب والفلسطينيين الذين اعتقلوا لأسباب سياسية أو أمنية وكان أبرزهم موسى أبو مرزوق رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس الذي اعتقلته السلطات الأميركية عام 1995 وطالبت اسرائيل بتسليمه لها. وقد صدم كوهين الكثيرين عندما أعلن بعد هجمات 11 أيلول 2001 أنه كمحامٍ قد يدافع عن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي شن الهجمات الانتحارية على مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون، وذلك لاعتقاده بضرورة فهم الأسباب التي ولدت الكره للأميركيين عند هؤلاء ودفعتهم الى ارتكاب الأعمال الارهابية تلك والى ايمانه بأن القضاء الأميركي يتسع لمحاكمة بن لادن محاكمة عادلة.
وقام كوهين في تموز 2002 برفع دعوى قضائية ضد الحكومة والجيش وأجهزة الاستخبارات الاسرائيلية وعدد من المسؤولين الاسرائيليين الكبار في مقدمهم رئيس الوزراء الحالي ارييل شارون، لارتكابهم جرائم حرب ضد عدد من المواطنين الأميركيين من أصل فلسطيني. وقد زار كوهين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث التقى عدداً من موكليه واطلع عن كثب على الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي، والتقى عدداً من القيادات الفلسطينية بينهم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والشيخ احمد ياسين الزعيم الروحي لحركة حماس. كما زار مخيمي صبرا وشاتيلا ومعتقل الخيام في لبنان.
ويعتبر كوهين من أشد المدافعين عن الحريات المدنية في الولايات المتحدة وأبرز المنتقدين للسياسات الأميركية تجاه العالمين الاسلامي والعربي، وقد ظهر في العديد من البرامج التلفزيونية الأميركية مدافعاً عن حركة حماس والفلسطينيين معتبراً أن "اسرائيل دولة ارهابية" وان الشعب الفلسطيني ليس له أي خيار آخر غير مقاومة الاحتلال الاسرائيلي "بكل الوسائل الضرورية" في اشارة الى العمليات الاستشهادية.
رفعت دعوى ضد أرييل شارون والحكومة الاسرائيلية في المحكمة الفيدرالية في واشنطن بصفتك موكلاً من فلسطينيين حاملين للجنسية الأميركية، فما هي خلفيات هذه الدعوى والأهداف المتوخاة منها؟
ـ في الواقع، الأمر لا ينحصر بالفلسطينيين الأميركيين بل هو بمثابة الآلية الأولية للدخول في هذا الموضوع. إذ يوجد عدد كبير من الفلسطينيين يحملون الجنسية الأميركية وإستناداً للقانون الأميركي يحق لكل مواطن أميركي أو أجنبي مقيم بشكل قانوني في الولايات المتحدة الأميركية إقامة دعوى قضائية أمام المحاكم الأميركية كما هي الحال مع المواطنين الأميركيين من أصل يهودي أو إيرلندي أو إيطالي. وعليه، فإن تعرضهم لمخاطر وتعديات على حقوقهم من قبل أفراد أو جهات معينة خارج الأراضي الأميركية لا يمنعهم من مطالبة العدالة في الولايات المتحدة. وتتضمن القضية بشكل رئيسي الإدعاءات من الفلسطينيين الأميركيين ولكن يمكن توسيعها لتشمل مواطنين من جنسيات أخرى وهذا ما نأمله، فهنالك المجموعة التي بقيت على قيد الحياة إثر قيام إسرائيل بقصف ذلك المبنى صيف العام الماضي في غزة حيث قتل الشيخ صلاح شحادة والتي نأمل إدراجها في القضية؛ إنها فئة يتزايد عددها يوماً بعد يوم. فهناك عدد كبير من المواطنين الاميركيين من اصل فلسطيني لهم اقارب قتلوا برصاص الجيش الاسرائيلي خلال الانتفاضة الحالية وعدد آخر من الموكلين اصيبوا بجروح خطيرة او هدمت بيوتهم او خسروا اعمالهم او اعتقلوا وخضعوا للتعذيب او للعقاب الجماعي، وكل هذه ليست مخالفات ضد القانون الدولي فحسب، بل هي أيضا مخالفات بموجب القانون الاميركي نفسه. وهؤلاء الضحايا أميركيون لهم حق مقاضاة الحكومة الاسرائيلية في الولايات المتحدة. ان الدعوى سترتكز على القوانين الأميركية التي شنت على أساسها الحرب على الارهاب، حيث يؤكد الرئيس الأميركي جورج بوش باستمرار منذ هجمات 11 ايلول انه ستتم حماية الأميركيين أينما ذهبوا. فالأميركيون من أصل فلسطيني أو الذين يعيشون في فلسطين يتمتعون بالحماية التي تعتبر من حق أي أميركي . ونحن نريد الانضمام الى الحرب ضد الارهاب. لكن الارهابي الذي نقاتله هنا هو اسرائيل وسنستخدم المحاكم الاميركية لفضح هذه الجرائم الاسرائيلية، وكذلك الطلب من المحكمة ان تلزم الرئيس الاميركي جورج بوش بوقف تزويد اسرائيل بالأسلحة لأنها تستخدم في انتهاك القانون الدولي
هل الإتهامات موجهة إلى شارون وحده أم للحكومة الإسرائيلية أيضاً؟
ـ إنها إتهامات موجهة إلى الحكومة الإسرائيلية و12 مسؤولاً اسرائيلياً كبيراً بينهم شارون وشاؤول موفاز والجيش الاسرائيلي وجهاز الشين بيت وجهاز أمن الدولة ووزارتي الداخلية والإسكان (المسؤولة عن الاستيطان) وغيرها من الهيئات الإسرائيلية، إلى 6 شركات أميركية مصنعة للأسلحة التي يتم تصديرها إلى إسرائيل, وكذلك بشكل محدود إلى الرئيس الأميركي جورج بوش ووزير الخارجية الأميركي كولن باول وكذلك بعض الجهات التي تجمع الأموال لمصلحة إسرائيل.
هل قبلت المحكمة الدعوى مبدئياً ومتى تتوقع أن يبت في القضية ؟
ـ الدعوى أصبحت في المحكمة وتجري الأمور على النحو التالي: تقوم المحكمة بقبول الدعوى ثم تبادر جهة المدعى عليهم إقناع المحكمة بعدم جدواها ونقوم بدورنا بإقناع المحكمة بجدوى الدعوى وبضرورة إبقائها وبالتالي تقوم المحكمة بإتخاذ قرارها في هذا الصدد ويتم إبقاء البعض منهم في القضية وإخراج البعض الآخر ومن ثم ننتقل إلى الخطوة التالية المعروفة في الولايات المتحدة بإسم "الإستقصاء" والتي نقوم خلالها بجمع المعلومات وطرح الأسئلة على الجهة المدعى عليها والأمور تأخذ مجراها الطبيعي. سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً إذ قام المدعى عليهم مؤخراً بتوكيل محامين للدفاع عنهم وطلب مهل للرد على المحكمة وتقديم إدعاءات مطالبين عدم البت بالقضية نظراً لعدم جدواها ولأسباب عديدة حسب زعمهم. غير أننا قلنا لهم أنكم مخطئون وأن الدعوى صالحة ولا يمكن ردها نهائياً ولن تقوم المحكمة بتقرير جدوى أو عدم جدوى الدعوى إلا بعد أشهر عدة، غير أننا نأمل في مقاضاة الإسرائيليين المدعى عليهم وهذا الأمر بحد ذاته سيستغرق سنوات عدة.
ما هو رد الفعل الإسرائيلي؟ هل قاموا بتوكيل محامين للدفاع عن أنفسهم أمام المحكمة الأميركية؟
ـ في البداية تم القيام بالإجراءات اللازمة لمقاضاة الإسرائيليين وقد أرسلنا لهم مستندات وبالمقابل قاموا باعادة إرسال هذه المستندات الينا. إن ذلك لا يدهشني لأن الإسرائيليين في غرورهم وكبريائهم يعتبرون أنفسهم فوق القانون ويحق لهم أن يفعلوا ما يحلو لهم دون حسيب أو رقيب، ولكن تم إدراجهم فعلاً في الدعوى بعد نجاحنا في تبليغهم قانونياً وقيامهم بتوكيل محامين للدفاع عنهم وقيام المحامين بتقديم مذكرات امهال للرد على المحكمة وموافقة المحكمة على ذلك. إنه لأمر صعب وإنني حذر في هذا الصدد كما هي الحال في الدعوى المقامة ضد شارون في بلجيكا والتي تشهد قبولاً ورفضاً من قبل المحكمة بشكل متواصل وهذا ما سيحدث هنا؛ سيستغرق الأمر بعض الوقت.
ما هي احتمالات موافقة المحكمة الأميركية على استدعاء شارون ومحاكمته؟
ـ سيكون من الصعب احضار شارون الى المحكمة لأن هناك قانوناً يعطي قادة العالم حصانة، الا أن هناك استثناء كما شهدنا في محاكمات مجرمي الحرب في البوسنة وكوسوفو. ونعتقد أنه يمكننا اثبات ان شارون ارتكب أو أمر بارتكاب جرائم حرب وبالتالي يفقد حصانته ويكون من الممكن محاكمته ومحاكمة وزراء في حكومته وقادة في الجيش الاسرائيلي، وكذلك محاكمة "دولة اسرائيل".
هل تعتبر أن هذه الدعوى ضد شارون واسرائيل ممكنة وواقعية في الولايات المتحدة المنحازة كلياً لاسرائيل أم هي مجرد حملة اعلامية دعائية؟
ـ نعم، ممكنة وواقعية. نحن لا نقيم هكذا دعوى لمجرد القيام بحملة إعلامية؛ لدينا الكثير من العمل والقليل من الوقت بحيث لا نستطيع تكريس وقتنا جهودنا ومواردنا وأموالنا لمجرد الدعاية في وسائل الإعلام. أعتقد أننا نواجه مسائل حقيقية، مسائل قانونية حقيقة. هنالك العديد من الفلسطينيين الأميركيين الذين تعرضوا للإعتداء والإعتقال والتعذيب والقتل ودمرت منازلهم وسلبت ممتلكاتهم بشكل غير قانوني، وحسب القانون الأميركي يحق لهم بالرعاية والحماية وهذا على الأقل ما تقره المحاكم الأميركية. وبالطبع توجد ناحية إعلامية لتلك المسألة وهذا جيد. وبالطبع، إذا بادرنا إلى إقامة دعاوى هنا وهناك وفي جميع الأماكن، ربما يؤدي ذلك إلى لفت أنظار الناس إلى ما تقوم به إسرائيل. لم نقم بهذه الحملة للحصول على اهتمام وسائل الإعلام. ففي الولايات المتحدة، لا تحظى مسألة كهذه بإهتمام وسائل الإعلام نظراً للهيمنة الصهيونية عليها، غير أن إقامة دعوى جزائية تافهة ضد العائلة الملكية السعودية بسبب أحداث 11 أيلول تحظى بإهتمام منقطع النظير. نقوم بمقاضاة إسرائيل ولا تحظى المسألة بالإهتمام المطلوب؛ هذا أمر متوقع.
ألا تعتقد أن النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة وخصوصاً في الادارة والكونغرس سيحول دون نجاح هذه الدعوى؟
ـ نعم، أنني أعي ذلك. يعتقد الأسرائيليون أن نفوذهم وشعورهم القومي وإعلامهم المتحيّز قوي بما فيه الكفاية للتأثير على أي من القضاة وأنهم سيعاملون بطريقة مختلفة. في ما يتعلق بالمحاكم لا أقبل ذلك. وأعتقد ان مقاضاة الإسرائيليين في المحاكم الأميركية أمر جديد لا سابق له ولن يحظوا بتسهيلات لمجرد كونهم إسرائيليين. لقد أصبح المواطنون الأميركيون أكثر وعياً وانتقاداً وأقل انحيازاً لإسرائيل، بعكس موقف الرئيس بوش والكونغرس الأميركي، وأكثر تفهماً وحساسية لتطلعات الشعب الفلسطيني على صعيد المواطنية والدولة وبالأخص بعد أحداث 11 أيلول.
هل لديك معلومات عن لبنانيين معتقلين في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول وما هي التهم الموجهة لهم؟
ـ لا أعرف عددهم بالتحديد ولكن هنالك العشرات منهم قيد الإعتقال لإرتكابهم جنح غير خطيرة وليست في غاية الأهمية، بإستثناء حالة واحدة أقوم بتوليها. فمعظم الاتهامات تتعلق بمخالفة نظام التأشيرات والهجرة واستخدام مستندات مزورة وإقامة غير مشروعة. هناك قضية ثلاثة أخوة لبنانيين متهمين بأنهم قاموا بجمع أموال لحزب الله في جنوب الولايات المتحدة. هذه قضية مثيرة للإهتمام وأقوم بتوليها حالياً. واتهم الأخوة بتهريب الدخان بين الولايات وقيام أحدهم بإرسال كمية صغيرة من المال إلى لبنان قام بإستلامها شخص تدعي الحكومة أن له علاقة بحزب الله وهذا أمر سخيف جداً إذ أن حزب الله لا يعتمد على الإطلاق على بضعة آلاف من الدولارات من الولايات المتحدة. لقد قمت أنا وبعض المحامين بالإنتقال إلى مرحلة الإستئناف في هذه القضية. إنها قضية صعبة للغاية وقمت بلقاء عائلة المتهمين منذ أشهر قليلة في بيروت. إنها قضية في غاية الصعوبة والأوقات التي نعيشها صعبة للغاية وبالأخص للفلسطينيين. ليس هناك الكثير من العدالة والإنصاف بل كثير من العذاب والألم
المحامي الأميركي اليهودي المعادي للصهيونية ستانلي كوهين لـ "المستقبل":
سنحاكم اسرائيل على جرائمها ضد الفلسطينيين
أمام المحكمة الأميركية بموجب قانون الإرهاب
نيويورك ـ هيثم مزاحم
ستانلي كوهين (48 عاماً) محامٍ أميركي يهودي معادٍ للصهيونية، نشأ نشأة دينية في عائلة يهودية أرثوذكسية ودرس في مدرسة يهودية عبرية، لكنه يعتبر نفسه الآن يهودياً علمانياً ويسارياً، وهو يقيم في مدينة نيويورك حيث الانتشار الواسع لليهود والنفوذ الهائل للمنظمات الصهيونية. بعد تخرجه محامياً عام 1983 تبرع في تقديم خدمات قانونية مجانية للمحتاجين وخاصة الهنود الأميركيين. وقد أثار كوهين جدلاً بسبب تبنيه قضايا الدفاع عن العرب والمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية وخاصة العرب والفلسطينيين الذين اعتقلوا لأسباب سياسية أو أمنية وكان أبرزهم موسى أبو مرزوق رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس الذي اعتقلته السلطات الأميركية عام 1995 وطالبت اسرائيل بتسليمه لها. وقد صدم كوهين الكثيرين عندما أعلن بعد هجمات 11 أيلول 2001 أنه كمحامٍ قد يدافع عن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي شن الهجمات الانتحارية على مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون، وذلك لاعتقاده بضرورة فهم الأسباب التي ولدت الكره للأميركيين عند هؤلاء ودفعتهم الى ارتكاب الأعمال الارهابية تلك والى ايمانه بأن القضاء الأميركي يتسع لمحاكمة بن لادن محاكمة عادلة.
وقام كوهين في تموز 2002 برفع دعوى قضائية ضد الحكومة والجيش وأجهزة الاستخبارات الاسرائيلية وعدد من المسؤولين الاسرائيليين الكبار في مقدمهم رئيس الوزراء الحالي ارييل شارون، لارتكابهم جرائم حرب ضد عدد من المواطنين الأميركيين من أصل فلسطيني. وقد زار كوهين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث التقى عدداً من موكليه واطلع عن كثب على الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي، والتقى عدداً من القيادات الفلسطينية بينهم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والشيخ احمد ياسين الزعيم الروحي لحركة حماس. كما زار مخيمي صبرا وشاتيلا ومعتقل الخيام في لبنان.
ويعتبر كوهين من أشد المدافعين عن الحريات المدنية في الولايات المتحدة وأبرز المنتقدين للسياسات الأميركية تجاه العالمين الاسلامي والعربي، وقد ظهر في العديد من البرامج التلفزيونية الأميركية مدافعاً عن حركة حماس والفلسطينيين معتبراً أن "اسرائيل دولة ارهابية" وان الشعب الفلسطيني ليس له أي خيار آخر غير مقاومة الاحتلال الاسرائيلي "بكل الوسائل الضرورية" في اشارة الى العمليات الاستشهادية.
رفعت دعوى ضد أرييل شارون والحكومة الاسرائيلية في المحكمة الفيدرالية في واشنطن بصفتك موكلاً من فلسطينيين حاملين للجنسية الأميركية، فما هي خلفيات هذه الدعوى والأهداف المتوخاة منها؟
ـ في الواقع، الأمر لا ينحصر بالفلسطينيين الأميركيين بل هو بمثابة الآلية الأولية للدخول في هذا الموضوع. إذ يوجد عدد كبير من الفلسطينيين يحملون الجنسية الأميركية وإستناداً للقانون الأميركي يحق لكل مواطن أميركي أو أجنبي مقيم بشكل قانوني في الولايات المتحدة الأميركية إقامة دعوى قضائية أمام المحاكم الأميركية كما هي الحال مع المواطنين الأميركيين من أصل يهودي أو إيرلندي أو إيطالي. وعليه، فإن تعرضهم لمخاطر وتعديات على حقوقهم من قبل أفراد أو جهات معينة خارج الأراضي الأميركية لا يمنعهم من مطالبة العدالة في الولايات المتحدة. وتتضمن القضية بشكل رئيسي الإدعاءات من الفلسطينيين الأميركيين ولكن يمكن توسيعها لتشمل مواطنين من جنسيات أخرى وهذا ما نأمله، فهنالك المجموعة التي بقيت على قيد الحياة إثر قيام إسرائيل بقصف ذلك المبنى صيف العام الماضي في غزة حيث قتل الشيخ صلاح شحادة والتي نأمل إدراجها في القضية؛ إنها فئة يتزايد عددها يوماً بعد يوم. فهناك عدد كبير من المواطنين الاميركيين من اصل فلسطيني لهم اقارب قتلوا برصاص الجيش الاسرائيلي خلال الانتفاضة الحالية وعدد آخر من الموكلين اصيبوا بجروح خطيرة او هدمت بيوتهم او خسروا اعمالهم او اعتقلوا وخضعوا للتعذيب او للعقاب الجماعي، وكل هذه ليست مخالفات ضد القانون الدولي فحسب، بل هي أيضا مخالفات بموجب القانون الاميركي نفسه. وهؤلاء الضحايا أميركيون لهم حق مقاضاة الحكومة الاسرائيلية في الولايات المتحدة. ان الدعوى سترتكز على القوانين الأميركية التي شنت على أساسها الحرب على الارهاب، حيث يؤكد الرئيس الأميركي جورج بوش باستمرار منذ هجمات 11 ايلول انه ستتم حماية الأميركيين أينما ذهبوا. فالأميركيون من أصل فلسطيني أو الذين يعيشون في فلسطين يتمتعون بالحماية التي تعتبر من حق أي أميركي . ونحن نريد الانضمام الى الحرب ضد الارهاب. لكن الارهابي الذي نقاتله هنا هو اسرائيل وسنستخدم المحاكم الاميركية لفضح هذه الجرائم الاسرائيلية، وكذلك الطلب من المحكمة ان تلزم الرئيس الاميركي جورج بوش بوقف تزويد اسرائيل بالأسلحة لأنها تستخدم في انتهاك القانون الدولي
هل الإتهامات موجهة إلى شارون وحده أم للحكومة الإسرائيلية أيضاً؟
ـ إنها إتهامات موجهة إلى الحكومة الإسرائيلية و12 مسؤولاً اسرائيلياً كبيراً بينهم شارون وشاؤول موفاز والجيش الاسرائيلي وجهاز الشين بيت وجهاز أمن الدولة ووزارتي الداخلية والإسكان (المسؤولة عن الاستيطان) وغيرها من الهيئات الإسرائيلية، إلى 6 شركات أميركية مصنعة للأسلحة التي يتم تصديرها إلى إسرائيل, وكذلك بشكل محدود إلى الرئيس الأميركي جورج بوش ووزير الخارجية الأميركي كولن باول وكذلك بعض الجهات التي تجمع الأموال لمصلحة إسرائيل.
هل قبلت المحكمة الدعوى مبدئياً ومتى تتوقع أن يبت في القضية ؟
ـ الدعوى أصبحت في المحكمة وتجري الأمور على النحو التالي: تقوم المحكمة بقبول الدعوى ثم تبادر جهة المدعى عليهم إقناع المحكمة بعدم جدواها ونقوم بدورنا بإقناع المحكمة بجدوى الدعوى وبضرورة إبقائها وبالتالي تقوم المحكمة بإتخاذ قرارها في هذا الصدد ويتم إبقاء البعض منهم في القضية وإخراج البعض الآخر ومن ثم ننتقل إلى الخطوة التالية المعروفة في الولايات المتحدة بإسم "الإستقصاء" والتي نقوم خلالها بجمع المعلومات وطرح الأسئلة على الجهة المدعى عليها والأمور تأخذ مجراها الطبيعي. سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً إذ قام المدعى عليهم مؤخراً بتوكيل محامين للدفاع عنهم وطلب مهل للرد على المحكمة وتقديم إدعاءات مطالبين عدم البت بالقضية نظراً لعدم جدواها ولأسباب عديدة حسب زعمهم. غير أننا قلنا لهم أنكم مخطئون وأن الدعوى صالحة ولا يمكن ردها نهائياً ولن تقوم المحكمة بتقرير جدوى أو عدم جدوى الدعوى إلا بعد أشهر عدة، غير أننا نأمل في مقاضاة الإسرائيليين المدعى عليهم وهذا الأمر بحد ذاته سيستغرق سنوات عدة.
ما هو رد الفعل الإسرائيلي؟ هل قاموا بتوكيل محامين للدفاع عن أنفسهم أمام المحكمة الأميركية؟
ـ في البداية تم القيام بالإجراءات اللازمة لمقاضاة الإسرائيليين وقد أرسلنا لهم مستندات وبالمقابل قاموا باعادة إرسال هذه المستندات الينا. إن ذلك لا يدهشني لأن الإسرائيليين في غرورهم وكبريائهم يعتبرون أنفسهم فوق القانون ويحق لهم أن يفعلوا ما يحلو لهم دون حسيب أو رقيب، ولكن تم إدراجهم فعلاً في الدعوى بعد نجاحنا في تبليغهم قانونياً وقيامهم بتوكيل محامين للدفاع عنهم وقيام المحامين بتقديم مذكرات امهال للرد على المحكمة وموافقة المحكمة على ذلك. إنه لأمر صعب وإنني حذر في هذا الصدد كما هي الحال في الدعوى المقامة ضد شارون في بلجيكا والتي تشهد قبولاً ورفضاً من قبل المحكمة بشكل متواصل وهذا ما سيحدث هنا؛ سيستغرق الأمر بعض الوقت.
ما هي احتمالات موافقة المحكمة الأميركية على استدعاء شارون ومحاكمته؟
ـ سيكون من الصعب احضار شارون الى المحكمة لأن هناك قانوناً يعطي قادة العالم حصانة، الا أن هناك استثناء كما شهدنا في محاكمات مجرمي الحرب في البوسنة وكوسوفو. ونعتقد أنه يمكننا اثبات ان شارون ارتكب أو أمر بارتكاب جرائم حرب وبالتالي يفقد حصانته ويكون من الممكن محاكمته ومحاكمة وزراء في حكومته وقادة في الجيش الاسرائيلي، وكذلك محاكمة "دولة اسرائيل".
هل تعتبر أن هذه الدعوى ضد شارون واسرائيل ممكنة وواقعية في الولايات المتحدة المنحازة كلياً لاسرائيل أم هي مجرد حملة اعلامية دعائية؟
ـ نعم، ممكنة وواقعية. نحن لا نقيم هكذا دعوى لمجرد القيام بحملة إعلامية؛ لدينا الكثير من العمل والقليل من الوقت بحيث لا نستطيع تكريس وقتنا جهودنا ومواردنا وأموالنا لمجرد الدعاية في وسائل الإعلام. أعتقد أننا نواجه مسائل حقيقية، مسائل قانونية حقيقة. هنالك العديد من الفلسطينيين الأميركيين الذين تعرضوا للإعتداء والإعتقال والتعذيب والقتل ودمرت منازلهم وسلبت ممتلكاتهم بشكل غير قانوني، وحسب القانون الأميركي يحق لهم بالرعاية والحماية وهذا على الأقل ما تقره المحاكم الأميركية. وبالطبع توجد ناحية إعلامية لتلك المسألة وهذا جيد. وبالطبع، إذا بادرنا إلى إقامة دعاوى هنا وهناك وفي جميع الأماكن، ربما يؤدي ذلك إلى لفت أنظار الناس إلى ما تقوم به إسرائيل. لم نقم بهذه الحملة للحصول على اهتمام وسائل الإعلام. ففي الولايات المتحدة، لا تحظى مسألة كهذه بإهتمام وسائل الإعلام نظراً للهيمنة الصهيونية عليها، غير أن إقامة دعوى جزائية تافهة ضد العائلة الملكية السعودية بسبب أحداث 11 أيلول تحظى بإهتمام منقطع النظير. نقوم بمقاضاة إسرائيل ولا تحظى المسألة بالإهتمام المطلوب؛ هذا أمر متوقع.
ألا تعتقد أن النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة وخصوصاً في الادارة والكونغرس سيحول دون نجاح هذه الدعوى؟
ـ نعم، أنني أعي ذلك. يعتقد الأسرائيليون أن نفوذهم وشعورهم القومي وإعلامهم المتحيّز قوي بما فيه الكفاية للتأثير على أي من القضاة وأنهم سيعاملون بطريقة مختلفة. في ما يتعلق بالمحاكم لا أقبل ذلك. وأعتقد ان مقاضاة الإسرائيليين في المحاكم الأميركية أمر جديد لا سابق له ولن يحظوا بتسهيلات لمجرد كونهم إسرائيليين. لقد أصبح المواطنون الأميركيون أكثر وعياً وانتقاداً وأقل انحيازاً لإسرائيل، بعكس موقف الرئيس بوش والكونغرس الأميركي، وأكثر تفهماً وحساسية لتطلعات الشعب الفلسطيني على صعيد المواطنية والدولة وبالأخص بعد أحداث 11 أيلول.
هل لديك معلومات عن لبنانيين معتقلين في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول وما هي التهم الموجهة لهم؟
ـ لا أعرف عددهم بالتحديد ولكن هنالك العشرات منهم قيد الإعتقال لإرتكابهم جنح غير خطيرة وليست في غاية الأهمية، بإستثناء حالة واحدة أقوم بتوليها. فمعظم الاتهامات تتعلق بمخالفة نظام التأشيرات والهجرة واستخدام مستندات مزورة وإقامة غير مشروعة. هناك قضية ثلاثة أخوة لبنانيين متهمين بأنهم قاموا بجمع أموال لحزب الله في جنوب الولايات المتحدة. هذه قضية مثيرة للإهتمام وأقوم بتوليها حالياً. واتهم الأخوة بتهريب الدخان بين الولايات وقيام أحدهم بإرسال كمية صغيرة من المال إلى لبنان قام بإستلامها شخص تدعي الحكومة أن له علاقة بحزب الله وهذا أمر سخيف جداً إذ أن حزب الله لا يعتمد على الإطلاق على بضعة آلاف من الدولارات من الولايات المتحدة. لقد قمت أنا وبعض المحامين بالإنتقال إلى مرحلة الإستئناف في هذه القضية. إنها قضية صعبة للغاية وقمت بلقاء عائلة المتهمين منذ أشهر قليلة في بيروت. إنها قضية في غاية الصعوبة والأوقات التي نعيشها صعبة للغاية وبالأخص للفلسطينيين. ليس هناك الكثير من العدالة والإنصاف بل كثير من العذاب والألم
Comments
Post a Comment